للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخسارة والدمار لأهل الظلم والاستكبار]

الرسالة الثانية: الخسارة والدمار لأهل الظلم والاستكبار: لا بد أن ندرك أن سنة الله عز وجل ماضية في أن الظلم عاقبته إلى خسار ونهايته إلى دمار: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:١٠٢] وأن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأن الظلم في الدنيا حسرةٌ وندامة، أيَّا كان هذا الظلم حتى وإن كان المسلم هو الظالم فإن له عقوبة دنيوية وأخروية، كيف والظالمون من الكافرين! كيف والظالمون يظلمون أهل إسلام وإيمان في الجملة وفي بلاد الإسلام قاطبة؟! والله سبحانه وتعالى قد بين لنا ذلك في آيات كثيرة، وجلاه رسولنا صلى الله عليه وسلم في أحاديثه وفي المواقف العديدة من سيرته، {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} [الكهف:٥٩] إن موعدهم آتٍ وإنه لقريب، و {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} [هود:٨١] ليل لا بد له من نهار، وظلمةٌ لا بد أن تنجلي عن إشراق وأنوار، لكن لا بد من اليقين بذلك ولا بد من العمل له، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوذي هو وأصحابه وهاجر وقاتل ودمي وجهه الشريف، وقُتل بين يديه خلص أصحابه وأقربائه، ثم علت رايته وانتشرت عقيدته وعظمت في بلاد الأرض كلها دولته؛ لأنها قامت على هذا اليقين، وكل تكبر وطغيان فإن مصيره إلى الهلاك.

والله قد قص علينا في كتابه قصص أمم كثيرة طغت، وبغت، وتجبرت، وتكبرت، فأذلها الله عز وجل وأرغم أنوفها ومرغها في التراب، وجعل عاليها سافلها، وذلك عندما وجد الخلص من عباده معلقين حبالهم به، ملقين ولاءهم له ولأوليائه، متعلقين به في عبادتهم وطاعتهم، محكمين لشرعه في أحوالهم وعلاقتهم ومعاملاتهم؛ عند ذاك تتحقق هذه السنن وتمضي كما بينه الله سبحانه وتعالى، يقول الحق جل وعلا: {فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ} [الزمر:٥١].

هل تعجز قوة الله أمريكا أو غير أمريكا أو قوى الأرض كلها؟! ولكن بعض الناس لا يوقنون! فنحتاج أن ندرك هذا كما أخبرنا الحق جل وعلا: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت:١٥] ألا ترون أن هذا حال الكفار اليوم، ألا ترون أن هذا وصفهم؟! {فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت:١٥] وهو قادر جل وعلا على أن يفضحهم ويهزمهم ويذلهم، وذلك وفق سنته جل وعلا.