للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشيخ المجاهد يصاب بالشلل]

لقد رأى الحياة المرة والظلم والطغيان في أشد صوره وأقساها منذ لحظات حياته الأولى؛ فارتسمت على صفحات قلبه، وسطرت في مخيلته، وجرت مع دمائه في عروقه، وسكبت في نفسه ما سكبت من رفض الظلم والعدوان وقوة المواجهة للطغيان.

ومضى بعد ذلك ليكمل مراحل تعليمه في صغره ونعومة أظفاره، ومنذ فترة شبابه الأولى أراد الله عز وجل أن يكون في حياته عبرة عظيمة، وأن يكون في مواقفه وفي هيئته ما يجعله فريداً يلفت الأنظار، وقعيداً يشد الأبصار.

في السادسة عشر من عمره تعرض لحادث كسرت فيها بعض فقرات من عنقه، وأصبح مشلولاً قعيداً لا يتحرك إلا قليلاً، ولم تلبث بعد فترات اعتقال وتعذيب وإجرام أن زادت حتى صار ذلك الرجل العظيم لا يتحرك منه إلا رأسه، ولكن رأسه إذا تحرك أقام الدنيا وأقعدها، وحرك الجماهير وألهبها، وأوقع في الأعداء ما يوقع من رعب وخوف، وما ينزل بهم من خسائر فادحة في أرواحهم وممتلكاتهم رحمه الله رحمة واسعة.