للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العلاقات الخارجية وصلتها بالدين]

وأخيراً: العلاقات الخارجية والصلات الدولية، هل ترونها قائمة على أسس إسلامية ومنطلقة من المبادئ القرآنية ومهتدية بالسياسة النبوية؟! هل ترون فيها تجديداً للسفارة الإسلامية الأولى التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير إلى المدينة يدعو ويبشر ويظهر محاسن الإسلام، ويذكر مآثر المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويكشف في حكمة وحنكة معايب الجاهلية ومساوئها؟ وهل ترونها كذلك فيما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن وقال له: (إنك تأتي قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم في اليوم والليلة خمس صلوات، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، وإياك وكرائم أموالهم! واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).

ويوم بعثه النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (بم تحكم؟ قال: أحكم بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: أحكم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم على صدره وقال: الحمد الله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله).

كيف بعث النبي علياً وسلمه الراية في يوم خيبر لمهمة قتالية وقال له: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم).

أين سياسة أمتنا وبلادنا ودولنا العربية والإسلامية من هذه المنطلقات الإيمانية والإسلامية؟ إننا نجد صوراً مغايرة، إما ارتهان وركون وارتماء في أحضان غير المسلمين خوفاً منهم ورهبة أو مصانعة لهم، ومجاملة أو مسايسة يظن كثيرون منهم أنها هي التي تعطي أسباب البقاء والرقي والتحضر أو القوة والتمدن، ولا نقول بأن هناك دعوة لقطع علاقات أو لمنع هذه الصلات، لكن منطلقاتنا الإسلامية تدعونا إلى أن نعرف من نحن وإلى أن نحافظ على هوية الأمة ديناً وتاريخاً ولغة، وأن نحافظ على مكونات قوة الأمة ثروة وأرضاً وخلقاً، وأن نحافظ على كل ما يحفظ لهذه الأمة خصوصيتها من مناهج تعليمية، وسبل اجتماعية، ونظم أخلاقية.

ونحن في عصر العولمة كما يقولون، وهم يريدون أن لا يبقى أمة تتميز بدين عن غيرها، ولا بلغة عن غيرها، ولا بثقافة عن غيرها، ولكنهم يريدون لما لهم من قوة مادية في الإعلام وغيره أن يقولوا لكم: دعوا هذه الخصوصيات وسنملؤها بما لدينا من الكثير والكثير الذي كله في معظمه لا يكون فيه الخير، ثم نجد في هذا كثيراً وكثيراً من الصور.