للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المشاركة الشعورية للأمة الإسلامية]

المشاركة الشعورية العميقة الصادقة، أين أخوة الإيمان؟ أين نصرة الإسلام؟ أين الصورة المثالية العظيمة الفريدة، والمثل الحي الكامل الذي ضربه سيد الخلق صلى الله عليه وسلم بقوله: (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

لقد كنت أحدث نفسي وحدث بذلك بعض الناس، قلت: إني أنكر من نفسي أن حزنها ما زال قليلاً لا يكافئ المصاب والخطب العظيم، وإن ألم القلب ما زال دون المطلوب بكثير، وإننا ما زلنا نستطيع أن نضحك وأن نفرح، وأن نلهو وأن ننام، وأن نطعم وأن نشرب، وكأن خنجراً لم يطعن في قلوبنا، أو لم ينفذ إلى ظهورنا، وكأننا لسنا مصابين بذلك المصاب الضخم الهائل، كأننا لن يكون لنا هذا الأثر النفسي حتى يكون المصاب في أنفسنا وفي أعراضنا، وفي بيوتنا وحرماتنا.

لقد كان صلاح الدين لا يضحك ولا يتبسم، فلما قيل له في ذلك قال: كيف أضحك وبيت المقدس في أيدي النصارى؟ ذلك كان همهم وحزنهم قد خالط شغاف قلوبهم، وجرى مع دمائهم في عروقهم، لم يملكوا معه أن يناموا وأن يهجعوا، ولا أن يلهوا ولا أن يضحكوا، لابد أن نعمق هذا الشعور، وأن نجعله عظيماً في قلوبنا لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان لابد أن نستشعر هذه المعاني، وأن نعمقها في نفوسنا ونفوس أبنائنا، ألا يتبلد الإحساس ونحن نشاهد المناظر أمامنا؟ كم طفلاً رأيناه مشوه الوجه قد قتلت براءته! كم أماً رأيناها تبكي على رضيعها وصغيرها! كم رأينا ممن فقدوا دورهم وأموالهم! ليس اليوم ليس في العراق فحسب؛ بل في فلسطين على مدى خمسين عاماً، وفي كشمير مثلها، وفي غيرها وفي غيرها، وما زال الحزن في نفوسنا قليلاً! ولقد قلت هذا لأنني أعني به نفسي، وأرى أننا إن لم يكن لنا حرقة نشعر بها تقض مضاجعنا، وتؤرق نومنا، وتجعلنا لا نهنأ بعيشنا؛ فلنتهم أخوتنا، ولنتهم صدق مودتنا، ولنتهم تلاحمنا كالجسد الواحد الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلب يفيض أسىً وعين تدمع والجسم من فرط الضنى متضعضع نار تمور بها الحشى وتألم يفري نياط القلب فهي تقطع حر يسام أذىً ويهتك عرضه قهراً فيالله كم ذا مفزع! وفتاة طهر بالحجاب تلفعت عنها حجاب الطهر قهراً ينزع وبيوتهم فوق الرءوس تهدمت والطفل مات وأمه تتوجع أفليس في قلوبنا رحمة إنسانية، وأخوة إيمانية، وعاطفة إسلامية؟! ما لم نبكها، ما لم نحركها، ما لم نبتغ بذلك أن نقويها فلن تكون لنا تلك الحركة الإيجابية التي نرجوها ونأملها.