للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإنسان بلا إيمان كالجسد بلا روح]

انظر إلى هذه الآية وتأمل قوله: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى:٥٢] هذا الإيمان هو الروح، ولا قيمة لجسد بلا روح، ما الفرق بين الإنسان الحي والذي يموت، ويكون تواً قد مات قبل لحظات؟ إنك لا تنكر من أمر هذا الميت شيئاً، جسمه طري، وكل شيء فيه كامل تام، ماذا يقول الناس؟ كلمة واحدة باردة: فلان مات! ما معنى مات؟ خرجت روحه.

لكن ما حقيقة هذا المعنى؟ إنه ألغي من الوجود كله، لم يعد له حركة ولا أثر، ولا فكر ولا كلام ولا عمل، وكذلك الإنسان في حقيقة أمره بلا إيمان لا قيمة له لا وجود له لا قيمة لعمله لا أثر لقوله، هو تماماً كجسد بلا روح، ولو أننا رأينا يوماً مريضاً قد أنهكه المرض وأعياه حتى اصفر لونه، وخارت قواه، وغارت عيناه، وأصبح الناس ينتظرون موته بين لحظة وأخرى، ثم أراد الله عز وجل له أن يحيا وأن يبقى، فإذا بهذه القوى الخائرة تعود مرة أخرى فينشط، وإذا بتلك الصفرة التي كانت من أثر المرض تعود قوة وحيوية، إذا بالناس يقولون: سبحان الله! سبحان المحيي! لأنه قد بلغ مبلغاً كأنه قد مات! ثم بعد ذلك قد عادت إليه الحياة: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى:٥٢].