للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تذكرة وعبرة]

وإذاً: عندما نتحدث مثل هذا الحديث -أيها الإخوة الأحبة- إنما نجعله تذكرة لأنفسنا، ومراجعة لحساباتنا، هل استولى الإيمان على قلوبنا؟ هل حكم مشاعرنا في محبتنا ومودتنا وبغضنا وكرهنا؟ هل ضبط ألفاظ ألسنتنا وكلماتنا؟ هل حكم سلوكنا؟ هل ظهرت الآثار فآثرنا الأخرى على الدنيا؟ هل تحققنا بأثر الإيمان فراقبنا الله في السر والعلانية؟ هل انقلبت حياتنا انقلاباً صحيحاً كاملاً لا حظ فيها ولا شركة لغير الإيمان بالله؟ هل تجردنا لهذه الحقيقة؟ هل وقفنا المواقف الإيمانية التي نعمق فيها حقائق الإيمان لتثبت وتصد كل شيء يعتورها أو يجابهها أو يصادمها من أمور القوة أو الغطرسة أو الجبروت أو الطغيان أو الفتنة أو الشهوة أو المال أو الجاه أو غير ذلك؟ أظن كل واحد منا لو سأل نفسه لوجد في الإجابة تقصيراً كثيراً، ولوجد هناك ما يستدعي أن يلوم نفسه، وأن يعاتبها، وأن يحاسبها، وأن يشدد عليها، وأن يحيي معاني الإيمان في قلبه، وأن يتطلب المواطن والمواضع والأعمال والأحوال التي تعيد الحياة إلى قلبه، والنور إلى نفسه، أن يعيد الارتباط بالنبي صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، وأهل الإيمان الذين ضربوا لنا الأمثلة الرائعة التي أشرنا إلى بعض منها.

نحن -أيها الأحبة- في حاجة إلى إحياء إيماننا إلى تقويته إلى إزالة الشركة التي دخلت مع إيماننا فصارت لنا أهواء غير مقتضيات الإيمان، وصارت رغبات غير رغبات الإيمان، وصارت لنا أهداف وغايات ومطامح وأمور، بل ربما سلوكيات وأعمال لا تتفق معها سلوكيات الإيمان، ولذلك كان أمر الإيمان فاصلاً ومفاصلاً، ومقتضياته واضحة وجلية، وممحصة مميزة.

فالله أسأل أن يجعلنا من أهل الإيمان والتقوى، وأن يعظم الإيمان في قلوبنا، وأن يرسخ اليقين في نفوسنا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والله أسأل أن يحفظنا، وأن يعصمنا بالإيمان والتقوى، وبالصلاح والاستقامة والهداية، ونسأله جل وعلا لنا ولكم المزيد من التوفيق والسداد، والثبات على الحق، والجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، إنه ولي ذلك والقادر عليه.