للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[موقف عمر رضي الله عنه من أسارى بدر]

ويوم انجلى غبار المعركة في بدر، وكان بين يدي المسلمين سبعون أسيراً من صناديد قريش، استشار النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر، فقال أبو بكر رضي الله عنه: (يا نبي الله! بنو العم والعشيرة والإخوان؛ فإني أرى أن تأخذ منهم فدية، فيكون ما أخذنا منهم قوة، عسى الله أن يهديهم فيكونوا لنا عضداً).

هذه رقة أبي بكر، وهذا لينه، فانظر إلى شدة عمر، وإلى حزمه وقوته رضي الله عنه، لما التفت له الرسول فسأله: (ما ترى يا عمر؟!)، فقال: والله! ما أرى رأي أبي بكر، قد كان صريحاًَ في الحق، قد كان مخلصاً في النطق، قد كان جريئاً فيما يظنه مصلحة للمسلمين، قال: (والله! ما أرى رأي أبي بكر، ولكن أرى أن تمكنني من فلان فأضرب عنقه، وأن تمكن حمزة من فلان -أخ له- فيضرب عنقه، وأن تمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه؛ حتى يعلم أن ليس في قلوبنا هوادة للكفار)، وهؤلاء كانوا صناديدهم وقادتهم وأئمتهم، ثم تنزل الوحي من فوق سبع سموات يشير إلى أن رأي عمر رضي الله عنه كان رأياً وجيهاً حكيماً: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:٦٧]، هكذا كان عمر رضي الله عنه في مواجهة الكفر والكافرين.