للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضرورة التوفيق بين ميادين الخير]

هذه ومضة مهمة ونحن نقبل على عشرنا، فماذا نفعل في ميدان من ميادين الخير مع تفاوتها؟ علينا أن نعمل لعل الله أن يرى منا ومن طاعتنا وعبادتنا وذكرنا ما يحبه ويرضاه، ولعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم منا من بعد ما نحن سائرون في أثره ومقتفون له في هذه العشر من قيام أو اعتكاف أو عبادة أو غير ذلك.

(لعل الله يريك منا ما تقر بها عينك) هذه التضحية قالها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في ميدان الجهاد والسيوف تبرق، وعلائم الموت تخفق، والصفوف على وشك أن تلتحم، عندما دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى مواجهة جيش عدته ثلاثة أضعافهم، فما وهنوا لما أصابهم وما ضعفوا وما استكانوا، وما تراجعوا وما ترددوا، ولكن أقدموا وعزموا وجزموا، وأعلنوا الفداء والتضحية بلا منة، بل المنة ذكروها لله ولرسول الله صلى الله عليه وسلم (فصل من شئت، واقطع من شئت، وعاد من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، واترك ما شئت، وما أخذت من أموالنا أحب إلينا مما تركت لنا) وصدقوا ذلك، فكم نحن في حاجة إلى أن نصدق الله عز وجل في كل ميادين التضحية، ليس في مجرد أذكار نذكرها، ولا ليال بالقيام نعمرها، ولا مجرد خلوة لله عز وجل وعليه نقصرها، وكل ذلك خير، غير أن البذل والفداء والتضحية في سبيل الله وفي سبيل نصرة دين الله وفي سبيل الذود عن عباد الله المؤمنين أمر له في الإسلام مقام رفيع ومكان سام ومنزلة عظيمة، فينبغي أن لا نقتصر في المنازل والمراتب في السير إلى الله وابتغاء رضاه على مجرد الأذكار والصلوات والعبادات والدعوات، فهذه ميادين وتلك ميادين، هذا يستمد من هذا وهذا يؤيد هذا، دون أن نقتصر على صورة محدودة ننفصل بها عن ديننا وننقطع بها عن أمتنا، ولا يكون في همنا ولا في فكرنا ولا فيما يشغل بالنا مصير أمتنا ومواجهتها لأعدائها وحاجتها إلى النصرة والفداء والبذل دون منِّ أو استكثار، كما رأينا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.