للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ارتباط النصر والتمكين والعزة بحسن الصلة بالله عز وجل]

ننظر إلى مواقف أخرى لنرى مرة ثانية وثالثة كيف تكون الموازنات كاملة في دين الإسلام في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وهديه، صلة بها مدد الرحمن، ألسنا اليوم نرفع أكفنا؟! ألسنا اليوم نسجد بجباهنا؟! ألسنا اليوم نلهج بألسنتنا في دعائنا؟! أي شيء نريد؟! إنما نريد التعرض لرحمة الله، إنما نستمد العون من الله، إنما نطلب مغفرة الله عز وجل، وينبغي أن نوقن أن صلتنا بالله عز وجل هي نور طريقنا، وهي مفتاح مغاليق أمورنا، وهي -بإذن الله عز وجل- عوننا في مواجهة خطوبنا وتيسير أمورنا إن شاء الله تعالى.

في يوم بدر يوم تعين القتال بعد أن كان أمر الغنيمة وأمر الثروة السهلة التجأ النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه ومولاه ورفع يديه يدعو الله سبحانه وتعالى: (اللهم! أنجز لي ما وعدتني، اللهم! نصرك الذي وعدتني.

حتى قال له أبو بكر رضي الله عنه بعد أن رأى شدة إلحاحه: حسبك يا رسول الله! فإن الله منجز لك ما وعدك) فاستبشر النبي صلى الله عليه وسلم، وعين مصارع المشركين، فما أخطأ أحد الموضع الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندما كانت القلوب كلها موصولة بالله عز وجل، وعندما كان الصحب الكرام رضوان الله عليهم يمثلون الصفوة المختارة من أهل الإيمان تغيرت أحوال الكون، وتغيرت معطيات الحياة لأجل أولئك النفر الذين أمدهم الله سبحانه وتعالى بكل شيء: {إِذْ يُغَشِّيكُمْ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} [الأنفال:١١] أنزل عليهم النعاس في الوقت الذي كان قد خالط القلوب رهبة من هول ذلك الموقف ولقاء جيش هو ثلاثة أضعاف العدد، أفاض الله عليهم الأمان، وأنزل عليهم الأمطار تطهرهم، وتثبت أقدامهم، وتربط على قلوبهم، عجب! مطر هنا وليس هناك مطر في الجانب الآخر، إنها عناية إلهية، إنها أمداد ربانية يمكن أن تخص الواحد الفرد بذاته فضلاً عن الصفوة المختارة، فضلاً عن الأمة كلها إذا كانت مع ربها وعلى هدي رسولها صلى الله عليه وسلم، وهكذا رأينا {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال:٩] تنزلت ملائكة السماء تقاتل مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وثبت في ذلك من الروايات والأحاديث كثير وكثير، وصدقته قبل ذلك وأثبتته الآيات، ثم كل الصور التي يمكن أن نتصورها قد وقعت من ذلك التأييد الرباني الذي كان مما ذكره الله عز وجل ومما أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران:١٢٦] ونحن نطلب مدد الرحمن، ونرفع أيدينا نريد عزه ونصره وتأييده، فلا شك أن هذا المدد هو مبني على حسن تلك الصلة بالله عز وجل في سائر الميادين، وفي كل المجالات التي وردت فيها أوامر الله وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.