للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المرأة الداعية]

وهذا نموذج للمرأة الداعية، وأذكر موقفين عجيبين ذكرا في الأحاديث الصحيحة: أولهما: ما يتعلق بقصة امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان خرج مع بعض أصحابه -كما قال عمران بن حصين - في سفر أو غزو، وأرادوا أن يأخذوا بعض الماء، فإذا هم بامرأة ومعها مزادتان تحملهما فيهما ماء، فسألها بعض الصحابة عن الماء، فقالت: إنه بعيد.

أي: مسافته بعيدة.

وهي كانت تحمل الماء، فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا بمائها ثم دعا فيه ففاض الماء حتى سقى القوم، ثم لما رجعت إلى قومها جعل الصحابة إذا أغاروا يغيرون على من حولهم ويتركون رهط هذه المرأة، وفي بعض الروايات أنها قالت لقومها لما رجعت: إني قد أتيت أسحر الناس، أو هو نبي كما زعموا.

وهذه رواية البخاري، فهدى الله ذلك الصرم بتلك المرأة، فأسلمت وأسلموا.

وفي رواية أوضح أنها قالت: ما أرى هؤلاء -تعني المسلمين- يدعونكم عمداً، فهل لكم في الإسلام؟ تعني: يدعون غزوكم وهم يغزون هنا وهنا، ويغيرون على جيرانكم.

فأطاعوها فدخلوا في الإسلام بدعوتها هي، ولا شك أن هذا أمر مهم.

ونعلم -أيضاً- قصة أم سليم حين جاءها أبو طلحة يطلب الزواج منها وهو مشرك، فعرض عليها مهراً فأبت لأنه مشرك، ثم حضته فقالت: إن أسلمت تزوجتك.

فجعل مهرها إسلام زوجها، فجعلت الزواج الذي كان يطلبه لحظ نفسه سبباً لإسلام هذا الرجل ودعوته إلى هذا الإسلام.