للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المشاريع المقترحة في الإجازة الصيفية]

المشاريع المقترحة، قد لا يكون هناك فرصة لهذا ولا لذاك، فهناك أيضاً مشاريع ومقترحات تضاف إلى مثل هذا الخير الذي يمكن أن يحوزه الإنسان وأن يحصله: الأول: القيام من قبل الشباب بجولات دعوية في بعض القرى والمناطق النائية، فإذا لم تستطع السفر إلى أفريقيا، وإذا لم تر الجهل في بعض ديار الإسلام فإنك تجده في بلاد ومناطق قريبة منك، وأعرف بعض الإخوة يذهبون إلى مناطق الساحل مثل: القنفذة وما يتلوها من مناطق ساحل تهامة، فيصفون أموراً عجيبة من الجهل، ومن المخالفات الشرعية، والأقوال والعادات التي تخالف حكم الله سبحانه وتعالى.

لو أخذت جمعاً من إخوانك وذهبت أياماً قليلة في زيارة إلى مثل هذه المناطق لنفع الله بك وانتفعت، وعرفت من الأحوال وذكرت الآخرين، وساهمت في لفت النظر إلى مثل هذه الأعمال، ويحصل من ذلك خير وأجر ومثوبة.

الثاني: مسألة صلة الأرحام، كثير من الشباب والملتزمين ينشغلون بأعمالهم عن أقرب المقربين إليهم، في هذه الإجازات فرصة أن يتبنى مشروعاً يستقدم فيه بعض أقاربه ليزوروا أهله، ثم يعد لهم برامج جميلة ومرغبة، وفيها بعض الخير من التذكير وتوزيع الشريط أو إهداء الكتاب الصغير، لماذا يريد بعض الشباب أن يجلس الناس أمامه ليلقي عليهم خطبة عصماء أو يقرأ عليهم كتاباً طويلاً؟! يمكن أن ينظم برنامجاً قصيراً لأيام محدودة لمجموعة من الأسر من أقربائه، فينال بذلك منزلة، ويرون أنه يحرص على نفعهم، ويرون أنه متودد إليهم، لا أنه منشغل عنهم، أو كاره لهم أو معارض لهم، فلينتهز الفرصة في مثل هذا الجانب.

الثالث: كثيراً ما يقول الشباب: إذا جاءت إجازة سأحفظ أو سأقرأُ أو سأدرس أو نحو ذلك، أقول: ينبغي الحرص على العلم وتحصيله، لو كنت مشاركاً في مركز أو مواظباً على محاضرة أو نحو ذلك في وقت الإجازة، فالوقت فيه اتساع أكبر، وإمكانية العمل فيه أوسع، فلا تكتف بأقل القليل مما يقع لك، بل يمكن أن يكون لك حرص على أن تنتظم في درس أو درسين أو ثلاثة من الدروس النافعة الموجودة والمنتشرة، تزيد ما أنت فيه من الخير.

الرابع: التحصيل والتكوين الذاتي الذي ليس فيه مساعدة من الآخرين: لماذا لا يجعل لنفسه برنامجاً في حفظ القرآن، في حفظ بعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ولو قليلاً؟ ولتكن الحصة معتدلة أو قليلة حتى يمكن أن ينجح فيها.

ويمكن للشاب أن يمارس العمل وأن يكون في وظيفة؛ لأن هذا يحصل به خبرة ويحصل به مالاً، فلماذا لا يمارس أعمال الخير سواء بالاشتراك في مركز أو محاضرة أو كذا، ولا يجعل النهار كله للنوم؟ لا أرى ولا أقبل مثل هذه الصورة مطلقاً، وللأسف أن هذا يقع من كثير من الشباب الذين نحسبهم على خير، فلو ربط نفسه بعمل ولو عملاً تطوعياً في جانب من جوانب الخير، أو عمل بأجر يكتسب فيه خبرة ويكتسب فيه مالاً لحصل له كثير من الخير.

ويمكن التحصيل الذاتي الذي قد يقصر الوقت أو يعجز الجسم أو يقل العزم عنه في أوقات الدراسة، ومن ذلك كثير من الأمور العبادية التطوعية مثل قيام الليل، يقول: لا أستطيع أيام الدراسة لأن الدراسة مبكرة، ثم يأتي هذا الموسم الذي ينبغي أن يكتسب فيه تعوداً على هذا الأمر، فليجعل لنفسه برنامجاً يحرص عليه وحده مرة ومع غيره مرة وهكذا؛ والمقصود أنها برامج ذاتية تنفع الإنسان في تحصيله العلمي وفي تكوينه الذاتي وفي تربيته الإيمانية.

الخامس: البرنامج الأسري: هذا موجه للآباء؛ وذلك إذا لم يسافر الأبناء ولم يشاركوا في بعض هذه الأعمال، وحتى لو شاركوا فيمكن أن يجعل الأب في أسرته برامج خفيفة، لماذا يتركهم للتلفاز يقضون ليلهم ونهارهم فيه، لو عمل لهم مسابقة في حفظ جزءٍ من القرآن أو سورة أو أحاديث أو قراءة كتاب، أو يعمل لهم درساً، أو يقرأ لأبنائه إن كانوا صغاراً قصصاً، ويكون هذا بداية لأن يستمر مثل هذا العمل بعد ذلك ولو بصورة أقل، فإن ترك الأمر وترك الأبناء والأسرة على ما تحب يحصل فيه أن الصغار ينشغلون بأفلام الكرتون، وينشغل الشباب بالخروج هنا وهنا كما أشرت في أعمال العطالة والبطالة، وتنشغل النساء مثلاً بالهاتف وأحاديث النساء من هنا وهناك كما هو معلوم، وبحضور المناسبات وغير ذلك، لا بد أن يوجد رب الأسرة شيئاً من الجد والعمل والمنافسة الخيرة في مثل هذا الجانب.

السادس: البرامج الإعلامية: نرى مسابقات تكون في رمضان، فما دامت هناك إجازة أو عطلة أو وقت، لم لا تكون هناك برامج، مثل المسابقات في الصحف أو حتى برامج إعلامية فيها تعليم، وفيها زيادة من الحصص العلمية والتوجيهية واكتساب الخبرات؟! لماذا لا تكون هناك برامج لتعليم الحرف ونحو ذلك، ما دمنا نقول إن هناك فراغاً، فهناك بعض الدورات كانت تقام مثلاً في المعاهد المهنية لا أرى لها الآن ظهوراً وأحسبها قد انتهت، نريد أن يكون المجتمع فيه تعاون على استغلال الأوقات في أمور جادة ونافعة، فوسيلة الإعلام مع وسيلة التعليم مع وسيلة توجيه الأسرة، مع رعاية المجتمع وتوجيهه، حتى تكون هذه الفترة فترة جد، لا أن تكون فترة الصيف محلاً للفراغ الذي يمحو كل أثر للدراسة التي درسها الطالب، حتى يأتي العام الجديد وهو صافي الذهن خال من المعلومات، ليستقبل معلومات جديدة أخرى.

السابع: الاستفادة مما يقع دائماً في الإجازة الصيفية من موسم الزواجات: كثيرة هي الزواجات حتى إنها تملأ أيام الأسبوع، وينشغل الناس فيها، فلا بد أن يكون هناك حرص على أن يحصل بعض النفع، أذكر أن واحداً حدثني قبل فترة يقول: كنا في مناسبة زواج قبل عدة أيام فكنت أقول: لو أن الناس خففوا في هذه المناسبات من المبالغة في الإنفاق، وخصصوا ما كانوا يعتزمون إنفاقه للتبرع للمسلمين، لبلغت هذه الأموال عشرات الملايين، لأن الناس ينفقون أموالاً كثيرة بعضها في غير محلها وبعضها زائدة عن حدها، فأول الأمر: لو كنت صاحب زواج أو كان لك قريب، فاقتصر في المناسبات، وخفف من المصاريف، وجعل بعض هذا المال في وجوه الخير، فلا يخفف من المصاريف ليوفر المال في جيبه، بل من أجل أن ينفق في سبيل الله عز وجل، فهو أصلاً قد قرر أن ينفق هذا المال، فليجعل شطره لله وشطره لإقامة المناسبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أولم ولو بشاة)، فلا يحتاج أن يدعو الأولين والآخرين والمقيمين والمرتحلين الأحياء منهم والأموات ليشهدوا هذا الحفل، فإن هذا يشق على الناس، وأكثر الناس الآن إذا دعي إلى مناسبة زواج كأنه وقعت فوق رأسه طامة؛ لأن عنده مناسبة أخرى وثانية وثالثة وعنده عمل ويريد أن ينجز بعض الأشياء، فأصبحت الأعباء الاجتماعية ثقيلة؛ لأن كل من له صلة بأحد من بعيد أو قريب يدعوه، فيحصل مشقة للناس، فلو خفف مثل هذا لكان خيراً.

الأمر الثاني وهو أمر بوادره جيدة: أن تستغل هذه المناسبات وجمع الناس فيها في الموعظة والتذكير اليسير واللطيف، لا يأتي في وقت الفرح ويقص عليهم أخبار الموت والقيامة، فإن لكل مقام مقالاً، وكذلك لا يطيل عليهم.

أيضاً القيام بأعمال ومشاريع خيرة، كأن يوزعوا شريطاً أو كتيباً صغيراً أو مقالة لطيفة، هذه أمور فيها كثير من الخير.

ويمكن أن ينتفع بأكثر من ذلك، وهذه أمور للتنبيه على أن هناك مجالات كثيرة، لا يعجز الإنسان أن ينتفع من وقته وأن يقوم بالعمل، والمرفوض هو أن يكون الإنسان خالياً من العمل ومضيعاً للوقت.

ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لاستثمار الأوقات واستغلالها في الخير، إنه ولي ذلك والقادر عليه.