للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مواجهة الأعداء في جميع الميادين]

وقد ذكرت من قبل أن مواجهة الأعداء ليست في ميدان واحد، وذكرت أن كلاً منا على ثغرة، فأنت على ثغرة في تربية أبنائك، وأستحضر هنا أن سبعين عاماً من الشيوعية المهلكة الكافرة الملحدة انقشعت، ووجدنا بعض المسلمين كانوا يعلمون أبنائهم القرآن تحت الأرض في منتصف الليل على أضواء الشموع! فهل نستطيع أن نواجه لنكون متشبثين حتى آخر رمق من حياتنا؛ لا بتراب ولا ببناء ولا بحضارة حتى وإن زعموها حضارة معرقة في التاريخ، وإنما لنحافظ على دين الله، على الإسلام العظيم، على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى تاريخ أمة أرادها الله عز وجل لتكون خير أمة أخرجت للناس، وأن نعرف أننا مستهدفون؛ لأننا أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ ولأن بين أيدينا كتاباً محفوظاً، وعندهم كتباً محرفة يعرفون تحريفها، وعندنا نبياً معصوم صلى الله عليه وسلم، وعندهم أنبياء أدخلوا على سيرهم وألحقوا بهم، بل وفعلوا بهم ما لا يليق أن يُفعل بسقط الناس وأراذلهم، ولدينا شريعة صالحة لكل زمان ومكان، وعندهم قوانين وضعية تلعب بها الأهواء وتغيرها الآراء! وعندنا تماسكاً أسرياً وترابطاً أخلاقياً يكاد بنيانه أن يتصدع بعد أن ولجت فيه كثير من الآثار السلبية، لكن ذلك لم يكفهم، بل رأوا أن هناك بقية باقية وسنة ماضية، كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك).

فقد رأوا كيف كان الأبناء وكيف كان الشرفاء والأبطال والمجاهدون في فلسطين بعد أكثر من خمسين عاماً من التهويد، ومن البطش، ومن التهديد والتعذيب والتشريد، رأوهم وهم يعودون من المساجد بأيدٍ متوضئة، وبألسنة مكبرة، وبجباه ساجدة، وبنفوس عزيزة، يقف أحدهم أمام دبابة لا يأبه بها، ولا يكترث لها! ورأوا من بعد ذلك مثلكم وكثيرون غيركم وهم يسيرون إلى رحاب الله، وهم يستمعون إلى كلام الله، وهم يستحضرون تاريخ أمتهم، وهم يعودون إلى مصادر قوتهم وعزتهم، وأما هم فهم في أفول نجمهم؛ فأعدادهم تتناقص، ومواليدهم أقل من موتاهم، وقد ألف أحدهم كتاباً حديثاً منذ نحو عام سماه (موت الغرب)، وأشار فيه إلى أن سبع عشرة دولة غربية أعداد الجنائز فيها أكثر من أعداد المهود! ثم ذكر بعد ذلك صوراً من الموت في الأخلاق والأنظمة والعرقية والعنصرية، وكيف يرضون ذلك وبأيديهم قوة عسكرية واقتصادية وسياسية؟! وذلك مؤذن ببداية مواجهة عظيمة، ينبغي أن يوطن الناس أنفسهم لها، وأعظم توطين أن نربط القلوب بخالقها، وأن نعلق النفوس ببارئها، وأن نرشّد العقول بمنهج الله سبحانه وتعالى.