للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ومضات من تاريخ مدينة الفلوجة]

أشير إلى مدينة الفلوجة على وجه الخصوص؛ فإن لها تاريخاً في الإيمان والعزة، وفي الجهاد والفداء والتضحية، وفي دحر المعتدين، فقد كانت شرارة مقاومة عظمى ضد الإنجليز في زمن مضى، وكانت بداية نصر، والعجيب أن هذه المدينة باسمها واشتقاقها في معانيها اللغوية تحمل معانٍ عظيمة! فمن معانيها: الفوز والظفر، ومن معانيها: السكينة والطمأنينة إلى غير ذلك، وقد قال الرصاصي شاعر العراق عنها قبل أكثر من نحو أربعين عاماً، وكأنه يقوله اليوم: أيها الإنجليز لن نتناسى بغيكم في مساكن الفلوجه أدرتم فيها على العزل كأساً من دماء بالغدر كانت مزيده حلها جيشكم يريد انتقاماً وهو مغرٍ بالساكنين علوجه سوف ينأى بخزي وعار عن بلاد تريد منها خروجه ما حياة الإنسان بالذل إلا مرة عند حسوها ممجوجه فثناء للرافدين وشكراً وسلاماً عليك يا فلوجه إنها عين القصة، ونفس الجريمة، وذات الطريقة، ولكنه كذلك -بإذن الله عز وجل- تجدد موقف الإيمان وعزة الجهاد وشموخ المستعلين بدينهم المعتزين بأصالتهم وعراقتهم، الرافضين لكل ما يقال ويذاع ويشاع، ومع ذلك فالدروس عظيمة يضيق المقام عن حصرها.

إلى الذين ركعوا وخنعوا وذلوا وباعوا فلتأخذوا من أهل الفلوجة مع قلة عددهم وعددهم عبرة ودرساً؛ فإن المعتدي اليوم هو الذي يلتمس الخروج، وهو الذي يوسط المفاوضين، وهو الذي يريد أن يسلم من نار تلك المقاومة الجهادية، وانظروا كذلك فإنكم واجدون هناك من صور الإيمان والعزة ما يبين حقيقة القوة في المعاني الإيمانية والإسلامية لا في القوى المادية والعسكرية، ولو أردنا أن نذكر هنا شيئاً من المواقف المشرفة ومن الآثار العظيمة لطال مقامنا في ذلك، ولكني أستعرض لكم تلك المواقف والطوائف لتروا وتنظروا، وتفضلوا وتقارنوا، وتختاروا وتتبعوا.