للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التكامل في العملية التعليمية]

إن أداء مهمة التربية والتعليم من أعظم دلائل التقوى، ومن أعظم أسباب وجودها في أبنائنا وبناتنا، ولعلي أقف وقفة أخيرة مهمة، وهي التكامل في العملية التعليمية، وأعني بذلك غير مؤسسات التعليم كالمدارس والمعاهد والجامعات، وأعني بذلك جهتين مهمتين: الأولى: الوسائل الإعلامية، وما أدراك ما وسائل الإعلام؟ تبني ما يهدمه أفضل المعلمين وأشرف المعلمات، وتبدد من العلوم ما ربما استغرق الأيام والأعوام والسنوات.

كم نرى اليوم من آثار مدمرة ليست فقط في جانب السلوك والخلق، بل في جانب الفكر، بل وفي جانب التحصيل العلمي، مع أن الأصل أن يكون هناك تكامل، فكيف نقول للأبناء في المدارس: إن هذا الاختلاط محرم، وإن التبرج والتهتك والإتيان بالحركات التي تثير الشهوات كل ذلك نهى عنه القرآن وحذر منه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يجد ذلك على الشاشات والقنوات الفضائية صباح مساء؟ بل قنوات متخصصة في الغناء من الفجر إلى الفجر، وأخرى في الرياضة لا تتوقف فيها الأقدام تركل، أو الأيدي تضرب أو غير ذلك من الأنواع، وحظ العلم والتعليم والإرشاد والتوجيه إن وجد فهو أقل من القليل، وصحافة أيضاً في بعض الأحوال تهدم ما يقوله المعلم، بل تشكك الطلاب في المعلمين والمعلمات، بل وتطعن في المناهج والمقررات! كيف يستقيم ذلك؟! كيف أدرس طالباً وهو يقرأ أن ما أدرسه فيه خلل أو انحراف، أو أنه سبب لشذوذ أو خلل؟! كيف يصلح ذلك ما لم يكن هناك التكامل؟! وهذه قضية مسئوليتها عظيمة، فكل كلمة تقال أو تكتب أو برنامج يذاع أو يبث كله مسجل: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:٣٦]، (ومن سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً) كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

والجهة الأخرى: الأسرة والبيت.

تتعلم الطالبة في مدرستها أو في جامعتها أموراً من الحشمة والعفة والحياء، ثم تأتي إلى بيتها وأمها خراجة ولاجة متبرجة، والقنوات في البيوت تبث ما تبث، فكيف يمكن أن نوائم بين هذا وهذا؟! أو الشاب يقول له معلمه: الزم بيوت الله حتى يشرق قلبك، وأدمن تلاوة القرآن حتى يترطب لسانك بذكر الله، وإذا به قد يجد أباً يقول له: احذر! لا تذهب للمسجد، وانتبه لدروسك، وأخر كتاب الله وتلاوته.

فهذا تعارض تحدث به أمور غير محمودة العواقب، إما أن ينحاز إلى الجهة السلبية الخطيرة، وإما أن يحصل اضطراب واختلال لا يستطيع به التوفيق، فلا يستطيع الركون إلى الخير والمضي في طريقه.

نسأل الله عز وجل أن يحفظ أبناءنا وبناتنا، وأن يحفظ معاهدنا وجامعاتنا ومدارسنا لتنشئة صالحة وتربية قويمة وتعليم هادف، إنه -جل وعلا- ولي ذلك والقادر عليه.

اللهم! إنا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.

اللهم! ارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا.

اللهم! أنزل علينا الرحمات، وأفض علينا الخيرات، وضاعف لنا البركات، وامح عنا السيئات، وضاعف لنا الحسنات، وارفع لنا الدرجات برحمتك يا رب الأرض والسماوات.

اللهم! إنا نسألك أن تجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنا.

اللهم! أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء.

اللهم! مكن في الأمة لأهل الخير والرشاد، واقمع أهل الزيغ والفساد، وارفع في الأمة علم الجهاد، وانشر رحمتك على العباد برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم! إنا نسألك زكاة نفوسنا، وطهارة قلوبنا، ورشد عقولنا، واستقامة جوارحنا، رطب -اللهم- ألسنتنا بذكرك، واشغل جوارحنا بطاعتك، واستخدمنا في نصرة دينك، واجعلنا اللهم ستاراً لقدرك في نصر الإسلام والمسلمين يا رب العالمين.

اللهم! اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم احفظ بلاد الحرمين من كل سوء ومكروه، احفظ اللهم لها أمنها وإيمانها، وسلمها وإسلامها، ورغد عيشها وسعة رزقها يا رب العالمين! اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء.

اللهم رحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين المضطهدين والمعذبين والمشردين والمبعدين والأسرى والمسجونين والجرحى والمرضى في كل مكان يا رب العالمين.

اللهم! امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم، واجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الإيمان واليقين، ولا تجعله فتنة لهم في الدين، واجعل -اللهم- لنا ولهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا سميع الدعاء.

اللهم! انصر عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين.

أصلح! اللهم أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم! وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.