للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية معرفة الأمور والحذر من العواقب قبل مواجهة الأعداء]

ثانياً: معرفة وحذر، لا جهل وخدر، لا يزال بعض الناس اليوم يصدقون مقالات الأعداء، ويروجونها بيننا بألسنة تنطق بلغتنا، ونحن نعرف أن كثيراً من المسلمين ليس عندهم من الوعي والإدراك ما يبين حقيقة وخطورة الأعداء، وبعضهم يظن أن العداء إنما هو في هذه الصورة فحسب، أو أنه في هذا الميدان وحده، أو أنه في تلك البلاد وحدها، ولا يعرف الحقائق القرآنية، والكواشف النبوية التي تبين هذه الصورة الحقيقية للأعداء، قال تعالى: {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [الممتحنة:٢]، وقال سبحانه: {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ} [التوبة:١٠] والآيات في هذا كثيرة؛ أخبر الله سبحانه وتعالى بها، وبينها جل وعلا في مواقف كثيرة مما جاء سرده ووصفه في كتابه سبحانه وتعالى، وبين الحق عز وجل كل الصور التي تختلف من قول اللسان وإضمار القلب، وكشف أهل النفاق الذين يرددون مقالات الأعداء، ويجوسون في صفوف الأمة، بما يريدونه منها، وما يسعون إلى النيل منها بواسطة هؤلاء، والله عز وجل قد بين كيف يكون لأولئك من أثر سلبي، فبين الحق سبحانه وتعالى في شأن ووصف المنافقين ما هو ظاهر في قوله: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران:١١٨]، وما بينه سبحانه وتعالى في قوله: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} [المنافقون:٤]، ثم قال الله سبحانه وتعالى في آخر هذه الآيات: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} [المنافقون:٤].

والحذر واجب، والانتباه والالتفات إلى هذه الحقيقة مهم، ولابد لنا منها حتى ندرك هذه المخاطر.

قال القرطبي رحمه الله: في هذا الحذر وجهان: أحدهما: احذر أن تثق بقولهم أو تميل إلى كلامهم.

والثاني: احذر ممايلتهم لأعدائك وتخذيلهم لأصحابك.