للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المرجعية والواقعية لا الفوضوية والمزاجية]

ومسألة ثالثة مهمة: المرجعية والواقعية لا الفوضوية والمزاجية: إننا عندما نتناول أي شأن من الشئون ونحن أمة إسلام، ونحن في بلد فيه منبع الإسلام ومهبطه، ونحن في بلاد الحرمين على وجه الخصوص؛ لا ننطلق إلا من مرجعية ثابتة، وهي مرجعية إسلامنا وديننا، كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، ودستورنا ينص على ذلك ويقدمه، فلسنا معنيين بأن نوافق من في شرق الأرض وغربها إذا كان قولهم يخالف صراحةً كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

فإذا أردنا أن نتحدث عن الإرهاب ونعرفه فلن نعرفه من مصادر شرقية أو غربية، بل ننظر إلى ما بين أيدينا من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وننظر إلى تاريخ أمتنا لنعرف كل شيء من خلال هذا المنطلق الصحيح، وأن ننظر إلى الواقع كما هو، دون أن نتأثر بالمبالغات والمغالطات، وحينئذ يتوفر لنا ما لا يمكن أن يتوفر لغيرنا، تتوفر لنا العصمة في أمرين اثنين: عصمة النصوص الشرعية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعصمة إجماع الأمة إذا اجتمعت على أمر تستنبطه من كتاب ربها وسنة نبيها، فإن أمة محمد لا تجتمع على ضلالة، ولكننا إن أخذنا من هنا وهناك، ويأتينا كاتب ليقرر علينا شيئاً تقرره دوائر غربية أو شرقية فإن ذلك لا يكون مظنة إصابة الحق ومعرفته، بل كثيراً ما يختلط بما يختلط به من أمرين اثنين واضحين: أن القوم لهم منطلقات ومرجعيات ليست مثل التي لنا من جهة.

وأن لهم أهواء وأغراضاً ومقاصد تخالف وتعارض مصالحنا من جهة أخرى.

وذلك ما ينبغي أن نفطن إليه، وأن نحرص عليه، ولا يأتينا أحياناً من يبعد به الأمر فنجده وهو يعارض ويخالف أموراً قد ثبتت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يدرك أنه قد أتى أمراً عظيماً، وارتكب خطراً كبيراً؛ لأننا إذا وصلنا إلى ألا نلتفت إلى هذه المرجعية العاصمة، فإن أمراً خطيراً يقع في خلالنا، ويجوس في ديارنا.

وبعد العصمة الكمال، فإن الكمال في شرع الله عز وجل، كما قال الحق جل وعلا: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً} [المائدة:٣]، فنحن بحمد الله لدينا في كل أمر أسس وأصول وقواعد وضوابط تجعلنا من خلال نظرنا فيها، ومن خلال اجتهاد أهل العلم فيها على قدرة وبصيرة أن نصل إلى الحق في كل جانب من الجوانب.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، وأن يخرجنا من الظلمات إلى النور، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.