للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدقة والتخصيص بعيداً عن الفوضى والتعميم

وثمة نقطة أخرى أيضاً تتعلق بأمر الدقة والتخصيص بعيداً عن الفوضى والتعميم، فإنه إن وجد خطأ من أستاذ واحد أو معلم، فهل من الحكمة أن نقول: إن المعلمين فاسدون أو مخطئون؟ وإن وجد سطر في كتاب واحد فيه ملاحظة فهل من الحكمة أن نقول: إن الكتاب كله خاطئ؟ إن بعض ما ينشر في وسائل الإعلام من التعميم يفسد ولا يصلح، ويضر ولا ينفع، وهو مخالف للطريقة الصحيحة، والمنهجية الصائبة، وإن الله سبحانه وتعالى في كتابه عندما ذكر الكفرة والفجرة كان يستثني, وذلك الاستثناء منهج يدل على أن الحكم لا يعمم في كل أحد، فإن الناس يختلف بعضهم عن بعض، فإذا وجد خطيب أخطأ في طريقة عرضه لموضوع ما وجدنا من يشن الهجوم على الخطباء، ويطالب بأن يكفوا عن الحديث في هذه الموضوعات، وألا يخوضوا فيها، سبحان الله! فأي خوض إذاً يكون؟ وبماذا يتحدثون؟ ومن يخطب في الناس؟ ألا يتحدث الخطيب عن أمورهم وشئونهم وهمومهم وحاجاتهم؟ ألا يتحدث عن واقعهم ومشكلاتهم وما يحصل في مجتمعهم؟! وذلك كذلك كما أخبرت به من قبل في غير ما حديث.

ثم إننا في هذا التعميم يحصل لنا استعداء وشيء من المواجهات، ومن ثم فإن كل خطيب رأى خللاً لا ينبغي أن يشن الحملة على كل أحد من منبره، إننا في وقت نحتاج فيه إلى التروي، وإلى الرفق الذي ذكرناه، وإلى التكامل والتعاون، وإلى أن نكون مخلصين لله أولاً، ومناصحين لأمتنا جميعاً من حكامها إلى محكوميها، وإلى كل فرد منا فيما بيننا، ومحتاجين أيضاًَ إلى اللحمة والوحدة والألفة؛ لأننا في وقت نعرف وندرك يقيناً أن أعداء الإسلام يتربصون الدوائر بالمسلمين عموماً، وبهذه البلاد خصوصاً، ويريدون أن يجوسوا خلال الديار بواسطة الإصلاح المزعوم، من خلال إصلاح اقتصادي يحول بين الناس وبين الالتزام بشرع الله عز وجل، أو إصلاح اجتماعي يراد به تحلل المرأة واختلاطها بالرجال على أي وجه من الوجوه.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يبصرنا بعيوب أنفسنا، وأن يلزمنا كتابه، وأن يثبتنا على نهج رسوله صلى الله عليه وسلم.

اللهم إنا نسألك التقى والهدى، والعفاف والغنى، اللهم اهدنا واهد بنا، واجعلنا هداة مهديين، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واهدنا اللهم لما اختلف فيه من الحق بإذنك، اللهم إنا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة، في الدين والدنيا والآخرة.

اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا.

اللهم أحسن ختامنا، وتجاوز عن سيئاتنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، اللهم طهر قلوبنا، وزك نفوسنا، وهذب أخلاقنا، وحسن أقوالنا، وأخلص نياتنا، وأصلح أعمالنا، وضاعف أجورنا، وامح أوزارنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أفض علينا الخيرات، وأنزل علينا الرحمات، وضاعف لنا الحسنات، وارفع لنا الدرجات، وامح عنا السيئات، برحمتك يا رب العالمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس راية الكفرة والملحدين، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء.

اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنهم طغوا وبغوا، وتجبروا وتكبروا، وأذلوا عبادك المؤمنين، واغتصبوا بلاد المسلمين، وانتهكوا حرماتهم يا رب العالمين، اللهم فأنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، وخذهم اللهم أخذ عزيز مقتدر، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، اللهم لا ترفع لهم راية، ولا تبلغهم غاية، واجعلهم لمن خلفهم آية، اللهم اشف فيهم صدور قوم مسلمين عاجلاً غير آجل يا رب العالمين! اللهم أقر أعيننا بنصر الإسلام والمسلمين عاجلاً غير آجل يا رب العالمين.

اللهم رحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين والمضطهدين، والمعذبين والمشردين والمبعدين، والأسرى والمسجونين، والجرحى والمرضى في كل مكان يا رب العالمين! اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، وآمن روعتهم، وفرج كربتهم، اللهم فرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم، واجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الإيمان واليقين، ولا تجعله فتنة لهم في الدين، اللهم اجعل لنا ولهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا سميع الدعاء.

اللهم انصر عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين.

عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله، استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦]، وترضوا على الصحابة الكرام، وخصوا بالذكر ذوي القدر العلي والمقام الجلي أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

اللهم صل وسلم وبارك على نبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.