للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مضمون الرسائل الضاغطة]

للإعانة على التنفيذ العملي أشير إلى مضمون هذه الرسائل بمعنى ما الذي ستقوله في هذه الرسالة؟ وكيف يمكن أن يكون هيكلها العام؟ وسأشير في آخر الأمر إلى صور إيجابية واقعية حصلت بالفعل: أولاً: لابد من التثبت، وإرفاق صور المواد، أو ذكر مصدرها موثقاً بالرقم والتاريخ، فعندما تقول: هناك قضايا للمسلمين صار فيها خلط وكذا وكذا، أو عندما ترسل إلى مجلة أنكم تتبنون كذا وكذا وكذا، لا ينفع الكلام العام، بل لابد أن تكون مثبتاً لهذه القضية، وترفق صورة المقال أو رقم العدد أو رقم وقت إذاعة الخبر أو نحو ذلك.

ثانياً: الاعتماد على الحقائق والأرقام الثابتة، والإسناد إلى المصادر مع البعد عن الأسلوب العاطفي، خاصة أنك تخاطب جهات ومنظمات قد تكون متواطئة ضد المسلمين، فلو تحدثت بلسان العاطفة وقلت: والمسلمون محرومون، والمسلمون مضطهدون وكذا؛ فهذا لا يغني فتيلاً بقدر ما تذكر الأرقام والحقائق الثابتة المعلنة التي لها مصادر محققة وموثقة.

ثالثاً: أن يكون هناك اعتماد على النقاط والإيجاز، فلا تحتاج في هذه الرسائل أن تكتب ثلاثين أو أربعين صفحة، بل صفحة أو صفحتين معتمدة على نقاط محددة.

رابعاً: اعتماد أسلوب المقارنة، مثال ذلك: عندما تقارن بين موقف مجلس الأمن أو الأمم المتحدة في قضية البوسنة والهرسك أو قضية العراق وبين قضايا أخرى مما تهم دول غير إسلامية أو تعنى بمصالح الدول الغربية أو الأمريكية، فهذه المقارنة بالحقائق والأرقام مهمة جداً في مثل هذه المضامين.

خامساً: ذكر الآثار السلبية أو الإيجابية للموضوع بتحديد دقيق يستند إلى الواقع: فتقول مثلاً: هذه القضية لها آثار سلبية وهي كذا وكذا وكذا، وعندما تكتب إلى جهة أو إلى مجلة تنشر صوراً فاضحة تقول: هذا لا يليق، وهذا يضر ويسيء، ويتحقق الضرر منه في كذا وكذا وكذا؛ حتى تكون القضية ذات تحديد واضح تقوم الحجة بها، وربما تؤثر بها.

سادساً: توسيع دائرة الإرشاد إلى المصادر إيجاباً أو سلباً، بمعنى: عندما تكتب عن قضية تقول: هذه حقائق أو كذا، ثم تقول: وقد نشر عن هذه القضية في مجلة كذا عدد كذا، وتوجز وتشير إلى العديد من المصادر لتبين أن الأمر قضية كبيرة، وأن عندك من المعلومات ما هو أكثر من مثل هذا، إضافة إلى كون الأمر إيجابياً، فلو أن كاتباً كتب مقالاً جيداً عن قضية معينة، ألا يستحق أن يشكر، وأن تكتب له عدد من الرسائل حتى يثبت على هذا المنهج، وأن يعطى أيضاً مصادر أخرى لهذا الموضوع، وأن هناك من كتب عنه، وأن ترسل له شريطاً في الموضوع حتى يجد أهل الخير على الخير أعواناً، كما أن أهل الشر يجدون على الشر أعواناً.

وكثيراً ما تكون الحجة عند ممارسة بعض الأعمال الفاسدة أن هذا هو طلب الناس، فمقدم البرنامج يقول: هذه طلبات الجمهور الذين راسلوني، بينما لم يراسله الأخيار، وربما يكونوا أكثر، ولم يرسلوا له ليطلبوا هذا البرنامج أو هذه الفقرة أو منع هذا أو حذف هذا أو نحو ذلك.

وأذكر على سبيل المثال أنه قبل يومين نشر أحد الكتاب المحليين مقالاً في الحياة، تكلم فيه عن أمر قد سبق أن أشرنا إليه، وهو ظاهرة الهجوم على حجاب الفنانات، وعلى توبتهن، فكتب مقالاً جيداً، وفيه أسلوب قوي في تأييد ظاهرة الحجاب، ونقد هذه الهجمة الشرسة، وخاطب فيها المسئول الإعلامي عن هذا الأمر، وطالب بأن تتوقف هذه الحملات؛ لأنها غير منصفة ولا منطقية ونحو ذلك.

فهناك من قرأ هذا المقال فأعجب به، لكن هذا الإعجاب لا يكفي لحصول تأثير، ووجدت طبيباً -ليس خطيباً ولا إماماً- قرأ هذا المقال فأعجب به، فكتب رسالة إلى المسئول -وهو وزير الإعلام في تلك البلد- وأرفق المقال وقال: قرأت هذا المقال ووجدته جيداً ومنطقياً، وإنني أؤيد كاتبه فيما ذهب إليه، وأناشدكم بمثل ما ناشدكم به.

هذا ما كتبه فقط، وأرسل هذه الأوراق ليعبر عن هذه الصورة أو الناحية، ولو أن كل خلل وقع وجد فاعله أن هناك من يقول له أو يرسل له أن هذا خلل، وأن هذا لا يليق، وأن هذا فيه مضرة؛ لكان على أقل تقدير كما يقال: (من لم يستح يخشى أو يخاف)، وهذه أيضاً نقطة مهمة.

سابعاً: استنطاق القوانين والأنظمة بنصوصها أو مضامينها عندما تريد أن تقيم الحجة، فلو جئت لشيء منشور وفيه خلل فتقول: نظام النشر ينص في المادة كذا على أنه لا يصح نشر الصور العارية وكذا وكذا، ولذلك نرجو منكم الالتزام بهذا القانون أو النظام.

نظام وسياسة التعليم تقتضي أن يربط التعليم الطالب بدينه وبولائه للمسلمين، وبرائه من المشركين، وهذه الفقرات أو هذه النصوص أو هذه المادة أو هذا الموضوع لا يتناسب مع هذه السياسة.

قانون الأمم المتحدة في المادة كذا ينص على كذا، لكن الممارسة مخالفة، وهذه أيضاً تعطي قوة لمثل هذه القضايا.

ثامناً: صياغة حيادية، وعرض عقلاني: ينبغي أن تكون صياغة الرسالة وكأنك إنسان محايد لست نصيراً لهؤلاء، ولست منهم وفيهم، وليس بالضرورة دائماً، لكن بحسب الجهة التي ترسل إليها.

تاسعاً: إن كان المرسل إليه جهة إسلامية أو إنساناً مسلماً؛ فإن أسلوب الترغيب والترهيب الإسلامي المعروف في التوجيه يفيد كثيراً في هذا المجال.