للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر بعض أحوال نساء السلف في الحشمة والتستر]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله؛ فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن من أعظم التقوى لنساء المسلمين التزام الحجاب، والتزام شرع الله عز وجل بالبعد عن الاختلاط بالرجال، فهذه عائشة رضي الله عنها تثني على نساء الأنصار وتقول: (نعم النساء نساء الأنصار؛ لما نزلت آية الحجاب ابتدرن إلى مروطهن فشققنها، فاتزرن بنصفها، واعتجرن بنصفها الآخر، فما جاء الفجر إلا وكأن على رءوسهن الغربان).

وهذه امرأة -كما ورد في الصحيح- تأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول: (يا رسول الله! إني أصرع، وإني أتكشف فادع الله لي، فقال لها عليه الصلاة والسلام: إن شئت دعوت لك، وإن شئت صبرت ولك أجر، فقالت: يا رسول الله! أصبر، ولكن ادع الله لي ألا أتكشف، فدعا لها الله ألا تتكشف)، فصبرت على المرض، ولم تصبر على التكشف في حالة هي معذورة فيها؛ لأنها ليست باختيارها، وليست بقدرتها أن تمنعها، فأرادت أن تحفظ عورتها، وألا يتكشف شيء منها، وصبرت على المرض وعلى المعاناة ابتغاء أجر الله سبحانه وتعالى.

فهذه صور من صور كثيرة كانت في مجتمعات المسلمين عبر التاريخ الإسلامي؛ نذكر بها نساءنا وأخواتنا في مجتمعات المسلمين ممن قد فقدن هذه الحشمة وتلك العصمة والحماية التي منحهن الله عز وجل إياها.