للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية حذر المرأة من التبرج والسفور وأسباب الفتنة]

وهذا الذي نراه في المجتمعات التي وقع فيها التبرج من مجتمعات المسلمين، فالمرأة التي تنادي بالتبرج أو تفلسف التبرج أو تدافع عنه، باتت اليوم تشكو منه؛ لأنه سرق منها زوجها، وأفسد عليها ابنها، وربما ضيع عرض ابنتها!! لأن هذه الفوضى لا يمكن أن تسمى حرية، بل هي جديرة باسم الفوضى؛ ولذا سيكون لها مثل هذه الآثار الوخيمة.

وينبغي أن ندرك أن قضية المرأة وكشف العورات والتبرج هو أعظم أعمال الفتنة الشيطانية، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)، وليس ذلك نقصاً في النساء أو عيباً فيهن، ولكن عندما يخالفن أمر الله تقع الفتنة للرجال، فيقع الفساد في المجتمع، ويقع الضرر أكثر ما يقع على المرأة نفسها، فالمتبرجة الشابة قد ينظر إليها الشاب ويطري جمالها، ولكن لنزوة في النفوس وحاجة، فإذا أُخذت الحاجة منها، وإذا سُلبت أعز ما تملك، وإذا تقدمت بها السن أو اعترضتها الأمراض، أو تشوه منها جمالها، فلا ينظر إليها أحد، ولا يعطف عليها رجل؛ لأنه ليست له عندها غاية ولا مبتغىً.

فينبغي أن تدرك المرأة هذه الحقيقة، والله عز وجل قد قال: {يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} [الأعراف:٢٧].

قال بعض أهل التفسير: سميت العورة سوءة لأنه يسوء الإنسان أن تُكشف، وأن تظهر.

وهذه هي الفطرة السليمة، ودعك من القوم الذين سابقوا الحيوانات في حيوانيتهم؛ فإنهم ليسوا من البشرية ولا من الفطرة السوية في شيء، ولذلك وصف نزع اللباس وكشف السوءة بأنه هو العمل الشيطاني الأول، ولذا قال سبحانه: {كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} [الأعراف:٢٧]، وأعمال أبالسة الإنس تدل على هذا، ولسنا بصدد أن نذكر ما هو في الصحف والمجلات والإعلانات، حيث يعلن -مثلاً- عن الكفرات أو عن المعدات الثقيلة التي تحفر أو تهدم أو تبني، ويوضع مع هذا الإعلان صورة المرأة! ولا رابط بين هذا وهذا مطلقاً إلا المتاجرة بأعراض النساء ومفاتنهن، وجعلت المرأة بهذا سلعة، فالحجاب يحفظها من أن تكون مهانة، وأن تبقى -بإذن الله عز وجل- مصانة، وأن تكون لها العزة والكرامة في دين الله عز وجل.

نسأل الله عز وجل أن يجمل نساءنا بالحياء، وأن يسترهن بالحجاب، وأن يحفظ علينا ديننا، وأن يحفظ عوراتنا، وأن يؤمن روعاتنا.

اللهم إنا نسألك التقى والهدى والعفاف والغنى.

اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.

اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا.

اللهم إنا نسألك إيماناً كاملاً، ويقيناً صادقاً، وقلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، وطرفاً دامعاً، وعلماً نافعاً، وعملاً متقبلاً، ورزقاً واسعاً، وتوبة قبل الموت، ومغفرة بعد الموت، برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنا.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين.

اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء! اللهم مكن في الأمة لأهل الخير والرشاد، واقمع أهل الزيغ والفساد، وارفع في الأمة علم الجهاد، وأبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، يا أكرم الأكرمين ويا رب العالمين! اللهم رحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين المضطهدين والمعذبين، والمشردين والمبعدين، والأسرى والمسجونين في كل مكان يا رب العالمين! اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، وقرب فرجهم، وعجل نصرهم، وادحر عدوهم يا رب العالمين! اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحدا، يا قوي يا عزيز، يا منتقم يا جبار! اللهم اصرف عنا الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين.

اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك.

اللهم اجعل عمل ولاتنا في هداك، ووفقهم لرضاك، وارزقهم بطانةً صالحةً تدلهم على الخير، وتحثهم عليه، وتحذرهم من الشر، وتمنعهم منه يا رب العالمين! عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابةً لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وترضوا على الصحابة الكرام، أخص منهم بالذكر ذوي القدر العلي والمقام الجلي، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

والحمد لله رب العالمين.