للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من لوازم التقوى الغضب لحرمات الله]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون، أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن من أعظم التقوى أن تتغير القلوب والنفوس امتعاضاً وغيرة وحمية لكل ما لا يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يكون الإيمان حياً في القلوب من خلال هذه الغيرة الإيمانية، والحمية الإسلامية، وإلا يكن ذلك، فربما يأتي علينا زمان نتفقد فيه قلوبنا فلا نجد فيها من الإيمان إلا نزراً يسيراً؛ لأنه قد قال صلى الله عليه وسلم: (وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) ولأنه قال: (وذلك أضعف الإيمان).

ولئن رضينا وسكتنا، فإن أموراً من الضرر تعود علينا، وإن صوراً من الخطر تحل بنا، أعظمها موت القلوب، وذهاب الغيرة، وعدم استشعار إنكار المنكر، والتباس الحقائق؛ حتى يعود المنكر معروفاً، والمعروف منكراً، نسأل الله عز وجل السلامة.

ولعل ختامنا دائماً وأبداً، وتذكرينا أولاً وآخراً، وما نريد أن نعيه ونعقله في كل وقت وآن، هو كلام الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ * وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ * وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ * اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ} [الشورى:٤٤ - ٤٧].

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يحفظ علينا إيماننا وإسلامنا، وأخلاقنا وأمننا، وأن يجعلنا من عباده المخلصين، وأن يكتبنا في جنده المجاهدين، وأن يجعلنا من ورثة جنة النعيم.

اللهم إنا نسألك التقى والهدى، والعفاف والغنى، اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، اللهم أحسن ختامنا وعاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم مكن في الأمة لأهل الخير والرشاد، واقمع أهل الشر والفساد، وانشر رحمتك على العباد، وانشر في الأمة علم الجهاد برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا، واهدنا اللهم لما اختلف فيه من الحق بإذنك، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

اللهم إنا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأرد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء! اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنهم طغوا وبغوا، وتجبروا وتكبروا، وأذلوا عبادك المؤمنين، وانتهكوا حرمات المسلمين، اللهم فأحصهم عدداً، واقتلتهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، وأرنا فيهم عجائب قدرتك، وعظيم سطوتك، وأنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، عاجلاً غير آجل يا رب العالمين! اللهم اشف صدور قوم مؤمنين عاجلاً غير آجل يا رب العالمين! اللهم انصر عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين! اللهم رحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين المضطهدين والمعذبين والمشردين، والمبعدين والأسرى والمسجونين، والجرحى والمرضى في كل مكان يا رب العالمين! اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، واجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الإيمان واليقين، ولا تجعله خلفة لهم في الدين، واجعل اللهم لنا ولهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا سميع الدعاء! اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاء وسائر بلاد المسلمين، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين! اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء، اللهم يا أرحم الراحمين احفظ بلاد الحرمين من كل سوء ومكروه، اللهم احفظ لها أمنها وإيمانها، وسلمها وإسلامها، ورغد عيشها، وسعة رزقها برحمتك يا أرحم الراحمين! عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦]، وترضوا على الصحابة الكرام، وخصوا منهم بالذكر ذوي القدر العلي، والمقام الجلي: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

وأقم الصلاة! إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون!