للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفائدة الحادية عشرة: إظهار الحقائق وكشف المغالطات]

إن التاريخ لا يرحم عند إظهار الحقائق وكشف المغالطات؛ لأن التاريخ يسجل كل الوقائع، وكما يقولون في عبارة جميلة وشائعة: قد تخدع كل الناس بعض الوقت، وقد تخدع بعض الناس كل الوقت، لكن أن تخدع كل الناس كل الوقت فغير ممكن.

قد تجد بعض السذج وتضحك عليهم وتخبرهم أخباراً وأحوالاً مكذوبة فيصدقونك ما شاء الله أن يصدقوك، لكن غيرهم سيكذبونك ويعرفون أنك لم تكن صادقاً في هذه الروايات، وقد تدلس على الناس كلهم فيصدقونك في بعض الأوقات، ثم يمر الزمن وتتكشف الحقائق كما يقولون.

على سبيل المثال: من الأمور التي أشاعها بعض ذوي الأغراض في بعض الكتب التي لها صلة بالتاريخ ككتاب الأغاني والعقد الفريد وغيرهما، ما يذكر عن سيرة هارون الرشيد ومجالس منادمته وشربه الخمر ومجالس القيان وغير ذلك، فهذه الأمور شاعت حتى كاد بعض الناس أن يسلِّم بها، لكن إذا رجعت إلى ما أورده ابن خلدون في أول مقدمة التاريخ، ذكر ما أسماه الأوهام التي وقع فيها بعض المؤرخين، وذكر عن الإمام الطبري ما نقله عن هارون الرشيد أنه كان يحج عاماً ويغزو عاماً، وأنه كان يصلي في اليوم والليلة مائة ركعة، فهل الذي يصلي في اليوم والليلة مائة ركعة يعقل أن يكون من أهل السكر والإدمان والخنا والفجور؟! إلى غير ذلك.

وهكذا لما لبس على الناس في التاريخ المعاصر بشخصية أتاتورك الذي أشيع أنه منقذ المسلمين، وأنه كذا وكذا وكذا، ثم يكشف التاريخ أنه لا أصل لهذه الشائعات، وأنه ابن سفاح، وإذا له عروق وجذور يهودية، فهو ينسب إلى يهود (الدونمة) في تركيا، وظهر أنه أكبر متآمر على الإسلام والمسلمين، وأكبر مجرم في حق التاريخ الإسلامي المعاصر حيث نقض الخلافة الإسلامية.

إذاً: عندما تقرأ التاريخ تكتشف هذه المغالطات الخطيرة التي تغير أفكار الناس.