للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الهدف الحقيقي من البرامج الهابطة]

لعلي أشير إلى أمر ما كان يخطر على بالي أنه من الخسائر، إلا أن المتابعين لهذه القنوات وتلك البرامج ذكروه وبينوه، وأحسب أنكم معاشر من قد توصفون بتلك العقلية المتحجرة! لا تدركون مثل هذا: في تسويق وفي استفتاء على البرنامج جاءت معلومتان وقضيتان مهمتان: الأولى: كان الاستفتاء: ما هو الهدف الأساسي من البرنامج؟ فكان إجماع المشاركين في التصويت أنها أهداف مادية بحتة، حتى ليس منها الارتقاء بالذوق الفني، وليس منها تأهيل الكوادر الشبابية لنقدمها للعالم في مجال الغناء والفن، وليس منها خلق أجواء حميمة بين الشباب والشابات، كل ذلك يتراجع إلى الوراء؛ ليظهر السبب الذي أجمع عليه المشاركون في هذا التصويت، وهو أنها أسباب مادية، وسرقة للفلوس وللأموال، واحتيال عليها بتسويق الشهوات والغرائز والملذات.

ولكن نقول: من الذي يأخذ هذه الأموال؟ ولماذا نعطيه إياها ونحن بكامل عقولنا وبكامل إراداتنا؟! إننا في حقيقة الأمر بعد أن ندفع هذه الأموال ثم نأتي ونجيب على هذا السؤال ونقول: إن الهدف هو هدف مادي، فلا شك أن المجيبين بهذا يصفون أنفسهم ويحكمون عليها بأنهم أغبياء حمقى، أو أنهم مسرفون من أهل البطر الذي يرمون أو يقذفون بأموالهم من غير فائدة، فكيف إذا كانت تلك ترتد عليهم؟! وأما القضية الثانية لو قلت أنا أو أنتم: إن الهدف مادي بحت لوجدنا قائمة طويلة من مثل تلك المقالات التي قلتها عن الرقي الفني، والتأهيل الشبابي وغير ذلك من الأمور، لكن الذي قالها هم المشاركون المتابعون المصوتون في هذه البرامج.

ثم أضافوا لنا شيئاً مهماً: بأنه مما يقال من أرباح هذا الفوز: تقوية الروح الوطنية.

أي: أننا لا وطنية عندنا، ولا نحب بلادنا، ولا نغار عليها، ولا نبذل الجهد والعرق لخيرها ولنفعها، ولا نبذل الروح للدفاع عنها، فلابد لنا من شيء يحرك هذه المشاعر الميتة في نفوسنا، الغائبة عن عقولنا، فلتكن كلها باتجاه الفن والرقص حتى تلتهب المشاعر الوطنية، ونستطيع أن نتماسك ونتلاحم، وأن نؤدي الدور الرائد في رفعة سمعة بلادنا، وفي الذود عنها إذا هاجمها الأعداء كما ينبغي أن يكون الأمر!! حتى كان من التهكم في هذا الباب ما لا أستطيع قوله؛ لكن النتيجة الأخرى التي قالها أولئك أنهم قالوا: إن البرنامج أسهم في الفرقة، واستطاع البرنامج أن يفرق بين دول الوطن العربي! وقد عبر عنه بعضهم: أنه عبارة عن حرب الخليج؛ لأن أهل كل بلد يسبون البلد الآخر، ويسبون مشاركه، ويمتدحون من يرون أنه ممثلهم، وأصبحنا على كل الأحوال -بحمد الله- عرباً متفرقين بدرجة امتياز في كل ميدان ومجال، واتفقوا -كما قيل- على ألا يتفقوا حتى في مثل هذه المهازل! إنني أكتفي بهذا القدر؛ لأنني لو استرسلت كثيراً أو أكثر من ذلك لكان الحكم علي قاطع وجازم بأن عقلي قد تجاوز كل الحدود المعقولة والمقبولة.

أسأل الله عز وجل أن يرد إلينا عقولنا، وأن يحفظ علينا إيماننا، وأن يحفظ علينا أخلاقنا وحياءنا، وأن يحفظ شبابنا وشاباتنا، وأن يصرف عنا أهل الفسق والفجور، وأن يحفظنا بحفظه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.