للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الرسالة اجتباء لا اكتساب]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

قال الشيخ حفظه الله: [والرسل حق والنبي العربي خاتمهم أعلاهم في الرتب] يريد بهذا بيان ركن آخر من أركان الإيمان وهو الإيمان برسل الله.

والرسل جمع رسول، وهو من أوحي إليه بشرع وأمره بتبليغه، والرسول يختاره الله سبحانه وتعالى من الملائكة أو من الناس، كما قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج:٧٥]، لكن الرسل من الملائكة هم رسل إلى الرسل من البشر، وهذا نوع من أنواع الوحي، وقد سبق ذكر أنواع الوحي.

والرسل من الملائكة كذلك يبلغون بعض الملائكة، ولهذا ذكر الله سبحان وتعالى أن الملائكة يسألون بعد أن يفزع عن قلوبهم إذا سمعوا كلام الله سبحانه وتعالى: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ:٢٣].

والرسالة لا تكون إلا على أساس اختيار رباني ولا يمكن أن تكتسب بأي وسيلة من الوسائل، وقد بين الله سبحانه ذلك في كتابه، فقال: {الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام:١٢٤]، وقال في موضع آخر: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ} [القصص:٦٨]، وقال في موضع آخر: {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف:٥١].

وفي سورة الأنعام بين عدم اكتساب الرسالة في قوله: {فإِنِ استَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [الأنعام:٣٥] فبين أن هذا لا يمكن.

وآدم عليه السلام هو أول الرسل من البشر، ودليل ذلك ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خير أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم، وفيه أرسل إليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة)، فهذا دليل على أن آدم قد أرسل إليه.

وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه خطابه لآدم على صورة المحاورة وهي لا تكون إلا للرسل، وكذلك ذكره بالاجتباء في قوله: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه:١٢٢] والاجتباء في القرآن للرسل وحدهم.