للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى أن المؤمن لابد أن يخرج من النار]

السؤال

يذكر أهل العلم أن النجاة الأخروية مشروطة بالإيمان، فهل ينفع ذلك بدون عمل؟

الجواب

بالنسبة لما يذكره أهل العلم من أن النجاة الأخروية مشروطة بالإيمان، فهذا لا خلاف فيه بين الناس؛ لأن من لم يؤمن فإنه لو عمل أمثال الجبال من الأعمال الصالحة فإنها لا تنفعه، لقول الله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان:٢٣]، ولقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [النور:٣٩].

فالمقصود أن من كان مؤمناً فإنه سيخرج من النار إذا مكث فيها قدر ما ينقيه؛ لأن الله سيقول: (وأخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان).

وأما من كان كافراً بالله وليس في قلبه مثقال ذرة من إيمان فإنه إلى النار قطعاً، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده! لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بي، إلا كبه الله على وجهه في النار)، فمن مات على الكفر سيدخل النار خالداً مخلداً لا يخرج منها أبداً، ومن مات وفي قلبه مثقال ذرة من إيمان فصاعداً فإنه لابد أن يخرج من النار حتى لو دخلها، وهذا المقصود بأن الإيمان شرط النجاة.

وكذلك حديث القبضة الربانية التي يقبضها الله سبحانه وتعالى من أهل النار فيدخلها الجنة، فإنه يحمل على من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان؛ لأن من ليس كذلك لا يدخل الجنة، ويمكن أن يحمل على الذين لم يكلفوا أصلاً، ولعلهم ممن دخل بسوق آدم، لأن آدم سيخرج بعث النار بأمر الله تعالى له من أرض المحشر، من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فتكون القبضة من هؤلاء، ولذلك جاء في حديث الشفاعة: (انتهت شفاعة الشافعين وبقيت شفاعة أرحم الراحمين)، فالله سبحانه وتعالى يشفع لمن لم يشفع له ممن في قلبه مثقال ذرة من إيمان، فهذه شفاعة أرحم الراحمين سبحانه وتعالى عندما تنقضي الشفاعات الأخرى.