للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من آثار الخشية: قوة الإيمان]

والخشية إذا حصلت للإنسان كانت قوة عظيمة وامتداداً في الإيمان، فالإنسان يحب القوة، والقوة أهمها قوة الإيمان؛ لأنها التي يضعف أمامها سلطان الدنيا وكل ما فيها، وليس لسلطان الدنيا طاقة بقوة الإيمان، فسحرة فرعون حين قذف الله في قلوبهم الإيمان قواهم الله قوة عجيبة تتحدى طغيان الأرض جميعاً.

عندما خاصمهم فرعون بكل كبرياء وجبروت، فقال في تهديده لهم بأنه سيقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وأنه سيصلبهم في جذوع النخل، قالوا له: {لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا * وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلى * جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى} [طه:٧٢ - ٧٦].

وقد ألهمهم الله تعالى بهذه الجمل خلاصة علم الأولين والآخرين، فكل ما يتنافس الناس فيه من العلم، وما يدرس في الجامعات وما تؤلف فيه المؤلفات، نتيجته جملتان فقط: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا * وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلى} [طه:٧٤ - ٧٥]، هذه خلاصة علم الأولين والآخرين.

وقد قذف الله في قلوب هؤلاء السحرة لما آمنوا بالله وصدقوا، وانقادوا وخروا سجداً لوجه الله العظيم؛ قذف الله في قلوبهم خشية الله، فنالوا بها هذه القوة الرهيبة التي تضاءل أمامها طاغية أهل الأرض، وضعف أمامها بكل ما يملكه من جبروت وقوة.