للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم مصافحة النساء الأجنبيات]

السؤال

هل توجد رخصة لإخراج النساء المسئولات في الدولة عن دائرة الإثم المترتب على مصافحة الضيوف، وكذلك بالنسبة للمسئولين في مصافحة الضيوف من النساء؟

الجواب

إن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور:٣٠] ويقول: {قُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ} [النور:٣١] فمخالطة الأجانب أعظمها مخالطة الفروج، وأدناها مخالطة البصر، وقد حرم الله الطرفين، فدل هذا على تحريم ما بينهما.

وهذا ليس من القياس وإنما هو من مفهوم الموافقة، ومفهوم الموافقة هو أن يكون المسكوت عنه موافقاً للحكم، وأن يكون أولى بالحكم منه، فالمصافحة أولى بالتحريم من مجرد النظر، فإذا كان النهي عن النظر نصياً في القرآن، فالمصافحة أولى منه بذلك، ولذلك قال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:٣٠] وهذا أدنى شيء في مخالطة النساء: {وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور:٣٠] وهذا أعلى شيء في مخالطة النساء، فذكر الحدين وذكرهما مقتض لتحريم ما بينهما، فلذلك تحرم المصافحة مطلقاً، وهذا نص بين، ولا يحل استباحته بالوظيفة، لأن الوظيفة ليست إلجاء ولا ضرورة، بل ليس الإنسان مضطراً لأن يعمل في هذه الوظيفة أصلاً، فيمكن أن يعيش بالاحتطاب، ويمكن أن يعيش بالبيع والشراء، ويمكن أن يكتسب مما جعل الله في الأرض من أنواع المعايش التي يعيش منها الناس.

والشيطان هو الذي يخيل للإنسان أنه مضطر لمثل هذا، وأعرف أحد العلماء كان وزيراً فكان إذا اضطر لمصافحة الكفار الرجال لا يصافحهم إلا بشماله، وفي لقاءات مع بعض الرؤساء الكبار، كان يظهر كأنه يأخذ شيئاً في فمه بيمينه ثم يصافحهم بشماله، فكان أصحاب التشريفات يسألون: هل هو محب للشيكولاته، أو (للعلكة)، لأنه يمسك بيمينه شيئاً كأنه يخرجه من فمه، ويصافح الرئيس بشماله، وذلك أن الشمال هي التي جعلها الله تعالى للقذر، والكفار قذر، فلا يصافحهم إلا بشماله، ومع ذلك مكث في الوظيفة فترة طويلة حتى تركها ولم يصافح قط كافراً بيمينه، ولم يصافح امرأة قط ولا اقترب من ذلك، وما اضطر إلى شيء ولا نقصه أي شيء في هذا.