للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى قوله: (كل نفس بما كسبت رهينة)]

السؤال

ما معنى قول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ} [المدثر:٣٨ - ٤١]؟

الجواب

أن الله سبحانه وتعالى بين أن الناس يوم القيامة يحملون أوزارهم على ظهورهم، وكل إنسان منهم يحمل طائره في عنقه، فيأتي بكل أعماله فيجد صالحها وسيئها: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} [آل عمران:٣٠]، لكن أهل الجنة الذين يتجاوز الله عن سيئاتهم، يجدون تلك السيئات قد محيت وعوضت بالحسنات التي عملوها، فيسترهم الله بستره الجميل، (والله يبسط كنفه على عبده المؤمن، فيقول: أتذكر يوم كذا إذ فعلت كذا، كنت قد نهيتك عنه؟ فيقول: نعم يا رب! وكنت قد نسيت، فيقول: لكنني لم أنسه، فيقول: إني سترتك به في الدنيا فلن أفضحك به يوم القيامة).

فأولئك الذين يسترهم الله على رءوس الأشهاد يوم القيامة، وفي المقابل يفتضح آخرون الفضيحة العظيمة على رءوس الملأ كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ينصب لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة ينادى عليه على رءوس الأشهاد: هذه غدرة فلان بن فلان) نسأل الله السلامة والعافية.

ومعنى كونها رهينة بما كسبت أي: أنها تأتي حاملة له تحمله بكامله، فلا يفوت منه شيء؛ فهذا الموقف من المواقف العظيمة التي قال فيها حكاية عن الذين كفروا عندما يرون الصحف: {يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف:٤٩].