للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطورة تعطيل حدود الله]

إن تعطيل حدود الله هو محادة لله في أرضه، ومنازعة لرسوله صلى الله عليه وسلم في أمره، وإشاعة للفواحش والمنكرات بين الناس، وإذاعة كذلك للإجرام ولأنواع الانتهاكات التي يتضرر بها جميع الناس؛ فكثير من الناس لنقص وعيه يظن أن المؤسسات القائمة التي تذكر بأسمائها الوظيفية هي التي يعهد إليها بمثل هذه الأمور، لكن هذه المؤسسات لن تبعث يوم القيامة، الناس اليوم يقولون: فلان قتلته الدولة، أو المال الفلاني صرفته الوزارة الفلانية أو الإدارة الفلانية، لكن هذا الكلام إنما هو دنيوي لن يصل إلى يوم القيامة، فيوم القيامة سوف يقال: فلان قتله فلان، فلان سجنه فلان، المال الفلاني انتهبه فلان أو سرقه فلان، العمل الفلاني اقترفه فلان بشخصه، فلن يبعث يوم القيامة رئيس ولا وزير ولا مدير ولا حاكم ولا والٍ، إنما الناس يبعثون يوم القيامة سواسية، وكل شخص منهم يخاطب بعمله وحده.

والذي يظن أن اللقب الوظيفي مما يعذر به اليوم أمام الناس فإنما هو مخدوع بذلك، فهذا اللقب سيزايله وسيخرج منه عما قريب وسيبعث فرداً كسائر الناس {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم:٩٥]، ولذلك فالذين قد ذهبوا إلى الدار الآخرة من الذين تجبروا وطغوا وبغوا في هذه الأرض، إذا وقفت على قبورهم ووقفت على قبور من سواهم لا تجد فرقاً بين الجانبين، إلا ما يظن بهذا وما يظن بهذا فقط، وعلم ذلك كله إلى الله سبحانه وتعالى ومصير كل شيء إليه.