للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[انتشار الفواحش نذير بالخطر]

إن انتشار هذه الفواحش وهذه الرذائل في مجتمعنا، هذا نذيرٌ بالخطر ينبغي أن يقف في وجهه كل غيور، وأن يتكاتف في الوقوف ضده الرجال والنساء على حد سواء، وأن يبذلوا ما يستطيعون بذله في كفاحه، وإظهاره وإشهاره، حتى لا ينخدع به ضعفاء العقول من الناس، وإن الشرر هو الذي يأتي منه معظم النار، فمعظم النار من مستصغر الشرر، تأتي الأمور في البداية صغيرة جداً ثم تكبر وتنتفخ، ولهذا قال شوقي في الزنا: نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء يأتي بالتدريج، حتى يصل المفسدون إلى غاياتهم، ولو أنهم صارحوا الناس بذلك في البداية لما نجحوا، لكنهم يتدرجون بالناس، ويأخذونهم بالخفية وإن هؤلاء المفسدين الذين يضحون هذه التضحيات الجسام، ينبغي أن يقابلهم أهل الحق بتضحيات أجسم من تضحياتهم، فلماذا يكون أهل الفساد بهذا الحد من الحرص على نشر الرذيلة والفساد والإباحية، ويكون أهل الحق مستضعفين لا يقومون لله بالحق.

إننا إذا لم نقم بهذا فستلعننا الأجيال اللاحقة، حينما تجد أننا قد أدركنا بقية من الدين في هذا البلد، فلم نحافظ عليها حتى نوصلها لمن يأتي وراءنا من الأجيال، وضيعناها حتى ذابت بين أيدينا، وقام عليها الناس بالفئوس والسكاكين حتى نحروها وقطعوها إرباً إرباً ونحن ننظر! إن استغلال النساء في هذا النوع من الكيد، هو مدى ما يصبو إليه المنخدعات من النساء بواقع النساء في الغرب، فيسمعن الشهرة، والبهرجة الإعلامية، والمجلات النسوية التي تبدي الصور، وتروج لأنواع وسائل التجميل وأدواته، وتروج لأنواع الملابس الشفافة، والأزياء الكشافة، وغير ذلك من وسائل الإفساد والمغريات الباطلة، فينخدع بها ضعفاء العقول، ونجد كثيراً من النساء إذا رأت هذه المظاهر وهذا البهرج وهذا الباطل انخدعت به، فظنته شيئاً ينبغي أن يحرص عليه، وظنت أن هذه الشهرة شهرة محمودة، لكن الواقع أنها بمثابة شهرة نوع من أنواع الغذاء، فمثلاً الأرز مشتهر بين الناس، وبالأخص في شرق آسيا، فإنه المطعم الوحيد لديهم، فهل هذا مما يمتدح به الأرز، ويثنى عليه به؟ لا.

بل هو مأكول مذموم، كما يقول الناس عن لحم الرقبة، فكذلك النساء اللواتي يستغلهن المفسدون في إشاعة هذه الرذائل مأكولات مذمومات، واللواتي زال بهاؤهن وتقدمت بهن السن، أصبحن لا ينظر إليهن ناظر ولا يقفوهن أحد، وأصبحن يندمن على ما مضى، ولذلك نجد أن اللواتي انخدعن بمظاهر أقل من هذه كمظاهر التوظيف والدراسة، وأصبحن دكتورات وأصبحن موظفات، وبعضهن أصبحت وزيرة، فهذه المظاهر كلها عناءٌ مبينٌ، وإذا رجعت المرأة إلى بيتها رأت أنها ستبيع كل هذه البهارج بلحظة واحدة من سعادة البيت، ومن سعادة الإنجاب، ومن سعادة التحدث إلى الأولاد، وتربيتهم، وسعادة القيام بالحق.

ولقد قرأت لكثير من النساء اللواتي ينشرن كثيراً من الكتابات في الصحف العالمية، يشتكين فيها من أنهن خدعن بالدراسة والتوظيف، فسعين حتى يحصلن على الدكتوراه وغيرها من الشهادات العليا، ثم يتوظفن في الوظائف، فلا ينتهين من ذلك حتى يتجاوزن مرحلة الإنجاب، ولا يكون لهن تأثير في بناء البيت، فتصبح إحداهن تشعر أنها عجوز مرمية، وأنها لا يزورها زائر ولا يذكرها ذاكر، وأنها مهمشة داخل المجتمع وهي التي همشت نفسها، فهي التي اشتغلت بما لا يعنيها وانصرفت عما فيه مرضاة الله، فلذلك أصبحت في محلٍ غير مشرف، وأصبحت تنقد نفسها.

وكثير مما نراه من الانتحار في كثير من البلدان في صفوف النساء، سببه شكايتهن من هذا الوضع المزري، الذي يجدنه في أنفسهن وفي بيوتهن، وأضطر الآن لقطع هذا الحديث لاستقبال بعض الأسئلة، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا لأحسن الأعمال والأخلاق، وأن يصرف عنا سيئها، لا يهدي لأحسنها ولا يصرف سيئها إلا هو.