للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم عمل المرأة المسلمة خارج البيت]

السؤال

هل عمل المرأة المسلمة المتحجبة يتنافى مع الآية الكريمة {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:٣٣]، نريد شرحاً مفصلاً للآية.

الجواب

إن عمل المرأة الأصلي هو تربية أولادها والدعوة إلى دينها، وإقامة أسرةٍ كريمةٍ صالحة، ومساعدة زوجها في القيام بالحقوق الشرعية، ومساعدة والديها كذلك على القيام بالحقوق الشرعية، وتعلم العلم النافع وتعليمه، وإرشاد الناس ودعوتهم إلى الخير، والمشاركة في تكثير سواد المسلمين، وزيادة عددهم، وكل هذه الأمور يمكن أن تتحقق من خلال البيت.

أما التوظف في الوظائف، فإنما ينظر إليه على أنه وسيلة بحسب ما تحققه من المقاصد، فإن كان لا يمكن للمرأة أن تشارك في بناء البيت المسلم، أو لا يمكن أن تشارك في الدعوة، أو لا يمكن أن تشارك في التعليم إلا من خلالها، كأن تكون معلمة للبنات مثلاً أو أن تكون حاضنة لهن، أو أن تكون موظفة في وظيفة شريفة ليس فيها اختلاط بالأجانب ولا هجنة، فهذا أمرٌ لا مانع منه شرعاً بشرط التحجب وعدم الاختلاط، وعدم الخلوة، وأن لا يكون في ذلك هجنة في المروءة، وأن لا يكون فيه تفريط في الواجب الأول المتعلق بالبيت، أما إن اختل شرط من هذه الشروط فيكون العمل حينئذ محرماً.

وينبغي أن ننتبه هنا إلى أن بعض الأعمال التي هي أول ما يخطر في بال المرأة إذا أرادت الوظيفة، أن تبحث على أن تكون سكرتيرة مثلاً أو محاسبةً أو أي عمل من هذه الأعمال، وهذه مؤامرة كما ذكرنا، وهي خسيسة وتؤدي إلى خلوة الرجال الأجانب بالأجنبيات وتؤدي إلى الريبة وانتشار الفاحشة وهدم البيوت القائمة، ولذلك ينبغي أن نحذر منها، وأن نخافها كل الخوف، ولا شك أن الملتزمات إذا عملن في المجالات الحيوية، أبدين نماذج صالحة، ولا ينبغي أن تترك الوظائف الصالحة للفاسدات يفسدنها ويستغللنها في الباطل والإفساد.

لكن على الصالحات أن يزاحمن الفاسدات في هذه الوظائف على الوجه الشرعي، وبالشروط الشرعية التي بيناها.

أما قول الله تعالى في خطاب أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب:٣٣].

فهذه الآية خطاب من الله لأزواج رسوله صلى الله عليه وسلم وليست خطاباً لكل المؤمنات، بل فيها من الأحكام ما يختص بنساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:٣٢ - ٣٣].

والأسلوب واحد، فهذا خطاب متسلسل لأمهات المؤمنين عليهن السلام، وفيه بيان لأنهن لسن مثل غيرهن من النساء، فأجرهن مضاعف ووزرهن مضاعف أجارهن الله من الوزر، وقد فعل ذلك.

فلذلك ليس الخطاب هنا لكل النساء، بل على غيرهن من النساء أن يسعين لما يسددن به الرمق، ولما يسددن به حاجتهن، ويستغنين به عن مسألة الناس، ويؤدي بهن إلى العفاف، لكن يكون ذلك بالضوابط والشروط الشرعية التي بيناها، ولا يكون فيه اختلاط ولا خلوة، إلا إذا اضطرت المرأة إلى ذلك.