للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من الأسس التي تميز شخصية المسلم أساس المعاملة مع النبي صلى الله عليه وسلم]

ثم في التعامل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أمنّ الخلق على الناس، وقد شرط الله عليهم محبته في الإيمان (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) (لا، حتى أكون أحب إليك من نفسك التي بين جنبيك).

ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مشروطة بالإيمان، والتعامل معه صلى الله عليه وسلم مقتض للتأدب معه تمام الأدب كما قال سبحانه وتعالى: {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:٦٣]، ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحجرات:١ - ٥]، فالتعامل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أساس التقدير والتوقير الذي شرطه الله سبحانه وتعالى وأمر به، يعتبر من مميزات شخصية المسلم في مجال التعامل.

أما من لم يأخذ بهذه القيمة من قيم شخصية المسلم فسيكون ما بين مفرط ومفرط، فالمفرط: سيحل الرسول صلى الله عليه وسلم في غير منزلته، ولن يعرفه على حقيقته، بل سيحجب عن صفاته الحقيقية وعن الأدب معه بمجرد خرافات وأقوال اختلقها أقوام ليس لها أساس، والنبي صلى الله عليه وسلم في غنى عنها، فقد شرفه الله وكرمه بالتشريف الكافي، ولا يحتاج إلى الإطراء بالباطل ولا يحتاج إلى الخرافات، بل آتاه الله المعجزات الحقيقية التي هي مقنعة لكل من سمع وبلغ.

النوع الثاني: المفرِّطون الذين يسيئون الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يوقرونه ولا يقدرونه ويعتدون على جانب النبوة فينسبون إليه بأفهامهم ما هو خلاف الواقع، ويظنونه كرجالاتهم، وليس كذلك، بل هو المعصوم الذي شرفه الله على سائر الناس وكرمه، والمؤمن بين هاتين الرذيلتين: بين الإفراط والتفريط.