للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عداوة الدنيا للإنسان]

الجبهة الخامسة: هذه الدنيا نفسها، فهي دار الغرور، وهي ضرة الآخرة، والإنسان مادام فيها يغر بها فيرى المباني الجديدة الجميلة، ويرى السيارات الفارهة، ويرى الطائرة العملاقة، ويرى الشوارع الزاهية، فيظن أن هذا مستمر، ولكنه لو فكر لوجد كل ذلك في القمامة، سيجد كل مبنى إنما أقيم على أنقاض آخر، كان أحسن الموجود في وقته ولكنه هدم ورمي في القمامة، وكل سيارة سيجد أنه كان قبلها من السيارات ما كان أحسن الموجود، وقد رميت بقاياه في القمامة، بل الإنسان نفسه أحسن ما في الدنيا من الخلائق صورة بكماله وحسنه، فإذا بحث عنه الإنسان سيجد بقاياه في القبر بعد أكل الأرض لأجزائه وانتقاصها لما تنتقص منه.

فلذلك هذه الدنيا نفسها عدو لهذا الجنس البشري؛ لأنها دار الغرور تغره بما فيها من الزخارف والشهوات؛ ولهذا حذر الله من النظر إلى ذلك منها فقال تعالى: {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى * وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه:١٣١ - ١٣٢].