للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أداء حقوق الناس والزهد فيما بأيديهم]

وكذلك في التعامل مع الآخرين لا بد من أداء حقوقهم إليهم أياً كانت هذه الحقوق، والله سبحانه وتعالى رتب بعضها بقوله: {عْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:٣٦] فكل هؤلاء لهم حقوق يجب أداؤها على ما أمر الله به، ومن قصر في شيء من هذه الحقوق أو لم يؤدها، فإن نفسه مريضة مرضاً بحسب ذلك الحق الذي قصر فيه.

ثم بعد هذا من حقوق الآخرين عليك: الزهد فيما في أيديهم: أن تزهد فيما عندهم، لأنك كلما زهدت فيما عند الناس رغبت فيما عند الله، وهذا من تمام إيمانك بالله وتعلقك به.

ومنها عدم تغيير قلوبهم بما ليس بلازم شرعاً: فلا تغضب الناس في غير حق، أما في الحق فإن الحق أحق أن يتبع، لكن إذا لم يكن ذلك بحق وكنت من الفضوليين الذين إذا رأوا أي إنسان حاولوا إغضابه واستفزازه بأي وجه من أوجه الاستفزاز والإغضاب، فاعلم أنك مبتلى بمرض عضال في التعامل مع الناس، لأنك تسعى لإغضابهم بغير حق شرعي.

والغالب أن من ابتلي بهذا المرض قلما يستطيع تغيير منكر أو أن يغضب لغضب الله، أو يرضى لرضاه، فمن كان يغضب الناس بغير حق فقلما يوفق لإغضابهم في الحق، لأنهم تعودوا على أنه يسعى لإغضابهم في غير حق، فإذا رآهم على منكر فلا يستطيع أن يغضب لغضب الله ولا أن يغير ذلك المنكر، لأنه تعود أن يغضبهم بأمور تافهة خارجة عن الحق، فهذا مبتلى بداء عضال في التعامل، وعليه أن يعالجه قبل أن يموت عليه.

ثم بعد معرفة حقوق الله وحقوق النفس وحقوق الآخرين في التعامل، ومعرفة الإنسان للنقص الذي لديه في أي وجه من هذه الأوجه، يجب عليه العلاج.