للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث التي تذكر بصلة الرحم]

كذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد عنه في صلة الرحم عدد كبير من الأحاديث الصحيحة، منها ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله خلق الخلق، فلما فرغ من خلقهم قامت الرحم فأمسكت بساق العرش، فقالت: يا رب! هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال الله تعالى: أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ فقالت: بلى.

فقال: ذلك لكِ)، هذا ضمان من الله عز وجل للرحم أن يصل من وصلها وأن يقطع من قطعها.

وكذلك ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من سره أن ينسأ له في أثره ويوسع عليه في رزقه فليصل رحمه).

وكذلك ما صح عنه صلى الله عليه وسلم في وصفه أنه كان وصولاً للرحم، فقد أخبرته خديجة بذلك عندما أرادت تثبيته عند أول نزول الوحي، فقالت له: (كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق).

وكذلك قال ابن الدغنة لـ أبي بكر رضي الله عنه حين لقيه مهاجراً إلى أرض الحبشة، حين آذاه قومه بمكة، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة إلى أرض الحبشة، فأذن له بذلك فخرج مسافراً فلقي ابن الدغنة وكان سيد القارة، فلما لقيه قال: إلى أين يا أبا بكر! فقال: أسيح في الأرض أعبد ربي، فإن قومي منعوني ذلك في دارهم، فقال: إن مثلك لا يخرج ولا يخرج، ولكن ارجع إلى دارك فكن فيها فاعبد ربك، فإنك جار لي، فرجع معه ابن الدغنة حتى أتى مجالس قريش من المشركين، فكان يقول: إن أبا بكر مثله لا يخرج ولا يخرج، فإنه ليصل الرحم، ويقري الضيف، ويكسب المعدوم، ويعين على نوائب الحق، وإنه جار لي، فأقرته قريش على ذلك، فكان أبو بكر يصلي بمكة لا يخاف أحداً.

وكذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حض على تعلم الأنساب لصلة الأرحام، فقد أخرج الحاكم في المستدرك وابن حبان في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تعلموا أنسابكم تصلوا أرحامكم، فإن تعلم الأنساب معين على صلة الأرحام).

ولذلك جاء في لفظ هذا الحديث عند الحاكم: (فإن الرحم إذا قربت كانت قريبة ولو بعدت، وإذا بعدت كانت بعيدة ولو قربت).

والمقصود ببعدها وقربها في الجملة الأولى تعلمها، فإذا عرف الإنسان رحمه إلى إنسان معين، فإنه سيتخذ تلك الرحم قريبة حتى لو كانت بعيدة من ناحية النسب، وإذا لم يعرف النسب إليه كانت الرحم بعيدة حتى لو كان قريباً منه جداً كابن عمه أو ابن خاله، فلهذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الإرشاد العظيم.