للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جهود العلامة مسكة بن بارك الله]

كذلك من هؤلاء الذين خرجوا لطلب العلم في القرن الحادي عشر فاشتهروا بالتضحية والبذل فيه العلامة مسك بن بارك الله بن بارك الله فيه، وقد اشتهر بجلده وصبره، وقد كان من مشاهير الناس في الصبر والحلم، وقد كان يضرب به المثل في الحلم.

بل قد حصلت له قصة غريبة، فعندما ذكر له أن قوماً توعدوه أن يضربوه وأنهم سيقدمون على ذلك -وهو يعلم أنهم لن يصلوا إليه في منعة قومه- خرج مسافراً إليهم، وكتم سفره عن قومه ولم يصحبه إلا غلام صغير، فلما وصل إلى المنطقة التي فيها أولئك القوم أرسل الغلام إليهم فقال: اذهب إلى ذلك الفريق فقل لهم: مسك بن بارك الله يريد ماءً لطهارته ووضوئه.

وهو لا يقصد الماء لكنه يريد أن يعلمهم بنفسه حتى يحققوا ما أرادوا، فلما أتاه رجالهم الذين كانوا يتوعدونه بالضرب ابتسم في وجوههم فهابوه واسترضوه، فخرج مسافراً راجعاً قافلاً إلى بلاده وقال لغلامه: قد تحقق مرادنا.

والغلام ما سمع إلا كلاماً من أعدائه فتعجب كيف تحقق مرادنا وما سمعنا خيراً؟! فلما وصل إلى أهله جاء أولئك القوم يريدون استرضاءه فأنكر أن يكونوا قد وصلوا إليه بشر، وهذا من رجاحة عقله ووفور حلمه.

وكان مسكة رحمه الله قد لازم محمد بن ناصر الدرعي في جنوب المغرب زماناً طويلاً حتى أخذ عنه كل ما عنده من العلم، حتى كتب الإجازة المشهورة، وهي من أقدم الإجازات المعروفة في بلادنا، وما زالت إلى الآن موجودة بخط العلامة محمد بن ناصر الدرعي.