للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخشوع صفة أنبياء الله عز وجل وأوليائه]

وإن الملك الديان سبحانه وتعالى يختار من عباده قوماً للخدمة، فيخلصهم لعبادته سبحانه وتعالى؛ وهم المخلَصون المخلِصون الذين اختيروا قبل خلق السماوات والأرض، وكتبوا في العباد الذين محضهم الله لطاعته، وأخلصهم لنفسه، وأولئك المخلصون هم الذين يستشعرون حلاوة المناجاة، ويستلذون بهذه العبادة؛ فيستريحون بالصلاة من هموم الدنيا ومشاغلها، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أرحنا بها يا بلال!)، وكان يلجأ إليها في شأنه كله.

وكان إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة، وكثير من الساسة إذا حزبهم أمر، وتكاثرت عليهم العساكر، ودخلوا في الحروب أو المشكلات المادية الاقتصادية، أو اجتمع العمال في إضرابات آثارها سيئة، ولم يجدوا ما يدفعون به رواتبهم، فإنما يلجئون إلى المؤسسات والهيئات، والنبي صلى الله عليه وسلم في كل الأزمات إنما كان يلجأ إلى الصلاة، فإذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة، وهي التي جعلت فيها قرة عينه صلى الله عليه وسلم، كما قال: (وجعلت قرة عيني في الصلاة).

وكذلك فإن المؤمن الصادق إذا تذكر هذه المناجاة، وأنه يكلم الله كفاحاً دون ترجمان تذكر هذا المقام العظيم، ونحن جميعاً نغبط موسى بن عمران إذا تذكرنا أن الله اتخذه كليماً وكلمه بكلامه، ولاشك أن كل واحد منا يتذكر أن موسى كان نبي الله، وأنه كلمه مباشرة بكلامه سبحانه وتعالى، وهذا المقام مقال عالٍ جداً يعترف به الأولون والآخرون يوم القيامة في مقام الشفاعة، فيأتون موسى فيقولون: أنت كليم الله اختارك لرسالاته ولكلامه.