للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[البلايا التي يصاب بها المبالغون في جمع الدنيا]

والذي يبالغ في جمع المال وجمع حطام هذه الدنيا والاشتغال بها يصاب بعدد من البلايا: أولاً: أن تكبر هذه الدنيا في نفسه فتكون أكبر مبتغاه، وتكون غاية علمه، فيمتلئ بها قلبه ولو كانت يده صفراً منها، فالمشغولون في الدنيا ليسوا بالضرورة أغنياء، فكثير من الأغنياء الدنيا في أيديهم وليست في قلوبهم، وكثير من الفقراء الدنيا ليست في أيديهم ولكنها في قلوبهم! ولذلك فالمحذور شرعاً هو: تعلق القلب بها وأن يجعلها الإنسان أكبر همه ومبلغ علمه، وأن يكون عابداً لها، فخدمته وسعيه من أجلها، وهذا هو الخطر الماحق، وقد تضر بصاحبها ضرراً عظيماً فتؤدي به إلى حد التجاوز والطغيان، وقد قال الله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق:٦ - ٧] وقال تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ} [الشورى:٢٧].

فالبغي والطغيان وتجاوز الحد إنما يحصل بالمبالغة في جمع الدنيا.