للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[آيات في أحوال الاستضعاف]

وقد قصدت إفرادها بالذكر؛ لأن ديننا لا يرى أن المرأة مستضعفة وحدها، وإنما الاستضعاف شيء طارئ على الرجال والنساء في أحوال، أما المرأة فلها مسئوليتها التامة والكاملة، لكن إذا جاءت ظروف فيها استضعاف فالقرآن ذكر الرجال والنساء، فمثلاً في قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} [النساء:٧٥] والآية الأخرى في نفس السورة: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً} [النساء:٩٧ - ٩٩]، إذاً أحوال الاستضعاف تطرأ على الرجال والنساء والولدان.

كذلك أيضاً في قضية الفتح، وكيف أن الله عز وجل أخر الفتح لحكمة يراها، ومنها قوله عز وجل: {وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الفتح:٢٥] فأحوال الاستضعاف، والنظر حتى في جميع الأحكام للرجال والنساء.

وفي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [الأحزاب:٥٨] ومثله قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} [البروج:١٠].

فهذا يدل على أن على الكل مسئولية، وعلى أن الكل تنبني عليه القضايا في هذه الدنيا وعليه فيها مسئوليات، وكلٌ عليه مسئوليته.

إذاً: هذا استعراض في بعض أحوال الاستضعاف، وأن المرأة ليست مستضعفة لخلقتها، وإنما هي مسئولة على قدر طاقتها والرجل على طاقته لكن الأحوال الطارئة للجميع.