للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأصل الثاني: سلامة كلام المناظر ودليله من التناقض]

لا بد في المتناظرين أن يكون كلامهما وأدلتهما سالمةً من التناقض، فالمتناقض ساقطٌ بداهةً، ومن أمثلة ذلك: وصف فرعون لموسى عليه السلام بقوله: {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [الذاريات:٣٨ - ٣٩] وهو وصف قاله الكفار لكثير من الأنبياء بما فيه كفار الجاهلية لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فوصفوه بالوصفين: ساحر ومجنون، وهذان الوصفان السحر والجنون لا يجتمعان؛ لأن الشأن في الساحر العقل والفطنة والذكاء، أما المجنون فلا عقل معه البتة، وهذا منه تهافتٌ ظاهر، وتناقض بيِّن، ومثله أيضاً فيما ذكر بعض المفسرين، وقد تكون مسألة تحتاج إلى نظر، لكني سآتي بها للتمثيل فقط، نعت كفار قريش لآيات محمد صلى الله عليه وسلم بأنها سحر مستمر في قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر:١ - ٢].

قال بعض المفسرين: وهو تناقض، فالسحر لا يكون مستمراً، والمستمر لا يكون سحراً.