للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقت صلاة الليل وكيفيتها]

أما وقت صلاة الليل فهو ممتدٌ من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، ومن كل الليل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستقر ورده في السحر، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه.

وفي المأثور من أحوال السلف منهم من يصلي الليل كله، ومنهم من يصلي نصفه، ومنهم ثلثه، ومنهم خمسه، ومنهم سدسه، ومنهم من يصلي ركعاتٍ معدوداتٍ ومن أيقظ أهله فصليا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.

ومن الآداب التي ينبغي رعايتها في صلاة الليل وقيامه، أن يستفتح بركعتين خفيفتين، ثم يصلي ما كتب له مثنى مثنى يسلم بعد كل ركعتين، ويستحب أن يطيل القراءة والركوع والسجود، ويقرأ ويتدبر ويجتهد في الذكر والدعاء، ويكثر ولا يشق على نفسه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {عليكم بما تطيقون فوالله! لا يمل الله حتى تملوا، وسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيءٍ من الدلجة}.

وإن مما يحث الهمة ويبعث القوة أن تعلم أنك في أيامٍ فاضلة وأوقاتٍ شريفة في شهرٍ مبارك، المغبون من فرط فيه، والخاسر من لم ينافس فيه، هو ميدان التسابق لقيام الليل، وساحات التنافس للركع السجود، هذه الأيام من أرجى الأيام، فليست قيمة الأيام بساعاتها، ولا قدر الليالي بطولها وعددها، وإنما قيمة الأوقات بما تحمله من خيرٍ للبشر، وسعادة للنفوس.

ألا فاتقوا الله رحمكم الله واغتنموا أوقاتكم وأروا الله من أنفسكم خيراً، وتعرضوا لنفحات ربكم: {أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام}.

ثم صلوا وسلموا على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، نبيكم محمدٍٍ رسول الله فقد أمركم بذلك ربكم فقال عز من قائل حكيماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين!

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، واخذل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الدين.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين.

اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين!

اللهم أيد بالحق والتوفيق والتسديد والتأييد إمامنا وولي أمرنا ووفقه لما تحب وترضى، وارزقه البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه، اللهم أعز به دينك، وأعل به كلمتك، واجعله نصرة للإسلام والمسلمين، واجمع به كلمتهم على الحق والهدى يا رب العالمين.

اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة لعبادك المؤمنين.

اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك لإعلاء كلمتك، وإعزاز دينك، اللهم انصرهم في فلسطين، وفي كشمير، وفي الشيشان، وفي كل مكانٍ يا رب العالمين!

اللهم ربنا سبحانك وبحمدك لا يخلف وعدك، ولا يهزم جندك، نسألك أن تنصر إخواننا المجاهدين في كل مكان، اللهم أيدهم وسددهم وثبت أقدامهم، اللهم إنهم حفاة فاحملهم وعراة فاكسهم وجياع فأطعمهم، اللهم إنهم مظلومون فانصرهم، اللهم واجعل الذلة والصغار والهزيمة على أعدائهم، اللهم أنزل بهم بأسك ورجزك إله الحق!

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت؛ أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً، اللهم واجعل ما أنزلته قوةً لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين.

اللهم إنا خلقٌ من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك.

اللهم ارفع عن الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين!

رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.