للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضياع الحق بين طرفي نقيض]

أيها الإخوة: صلاح الجسد مرتبط بصحة المعتقد، بل متى يصلح الجسد إذا لم يصلح المعتقد؟!

حين يضعف وازع الإيمان، ويختل ميزان الاعتقاد، تختلط الحقائق بالخرافة، وتنتشر الخزعبلات والأوهام، ويفشو الدجل والشعوذة، ويضيع الحق بين فريقَين:

ضُلاَّلٌ ماديون: ينكرون الغيب وعالمه، ويكفرون بما جاء به رسل الله من الحق، وكل ما عدا المادة فهو عندهم أساطير الأولين؛ أوهام ومعتقدات من معتقدات المجتمعات البدائية؛ أساطير تخطاها الإنسان المتحضر، الإيمان بالغيب عندهم رِدَّةٌ حضارية إلى عصور الظلام.

يقابلهم فريقٌ آخر: عشعشت الخرافات في رءوسهم، وامتلأت بالخزعبلات صدورُهم، تعلقت قلوبهم بالسحر والكهانة، وارتبطت بصائرهم بالتنجيم والعِرافة، والضرب بالكف والرمل، والنظر في الوَدَع والخرز، والاستسقاء بالأنواء.

وكلا الفريقين قد سلك مسالك الجاهلية.

أما الأولون: فجاهليتهم الإعراض عن العلم المتنزل على رسل الله، ورفض ما جاء به المرسلون، وقبول ما جاء عن الفلاسفة والملاحدة والزنادقة، قد قال الله عنهم وعن أمثالهم: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [غافر:٨٣].

وأما الآخَرون: فاعتمدوا التقاليد الفاسدة، وبنوا حياتهم على الظنون والتخرصات، وتعلقوا بأهل الكهانة والسحر والتنجيم، فهم في لون آخر من الجاهلية الجهلاء: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور:٤٠].