للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضرورة الحرص على الإصلاح]

الحمد لله لا تُحصى نعمه ولا تعد، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، وأشهد أن سيدنا ونبينا رسول الله محمد، اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آل محمد، وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله أيها الناس: فإن تقوى الله خير زاد.

أيها الإخوة: إن الكريم لا يحقد ولا يحسد، ولا يبغي ولا يفجر، إن بلغه عن أخيه ما يكره التمس له عذراً، فقد علم أن الاعتذار يذهب الهموم، ويجلي الأحزان، ويدفع الأحقاد، ويزيل الصدود إن حقاً على إخوة الإيمان أن يسود بينهم أدب المحبة، أدب ينفي الغش والدغل مع استسلام لله بما يصنع، ورضاً بما يكتب، واسمعوا -رحمكم الله- إلى هذا الحديث: يروي أبو هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس، فيغفر الله لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينه ويبن أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا}.

قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله: يدل هذا الحديث على أن الذنوب إذا كانت بين العباد، فسامح بعضهم بعضاً، سقطت المطالبة بها من قبل الله عزَّ وجلَّ.

الله أكبر يا عباد الله! {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} [النساء:١٤٧] وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب، عالية أصواتهما، وإذا أحدهم يستوضع الآخر ويسترققه، أي يطلب منه أن يخفف عنه من دينه، وصاحبه يقول: والله لا أفعل، فخرج عليهما صلى الله عليه وسلم وهو يقول: {أين المتألي على الله ألا يفعل المعروف؟! فقال: أنا يا رسول الله، فله أي ذلك أحب} فعدل الرجل عن يمينه، واستجاب لتذكير رسول الله صلى الله عليه وسلم، طاعة لله ولرسوله، واستجابة لداعي الحق.

ألا فاتقوا الله رحمكم الله، فمن أراد الثواب الجزيل والذكر الجميل وراحة القلب، فليحلم على الجاهل، وليعفُ عن المعتدي، وليقبل الصلح: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:٤٠].

هذا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، نبيكم محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقد أمركم بذلك ربكم فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آل محمد، وعلى أزواج محمد، اللهم وارض عن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين!

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر الكفرة والطغاة وسائر الملحدين اللهم آمنا في أوطاننا، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، ووفقه لما تحبه وترضاه، وأيده بالحق وأيد الحق به، وارزقه البطانة الصالحة، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين!

اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وبسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة لرعاياهم، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين.

اللهم أبرم لأمة الإسلام أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر إنك على كل شيء قدير.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، وأصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام، واجعلهم شاكرين لنعمك قابلين لها وأتمها عليهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.

وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ.

فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.