للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[موقف الإسلام من الزمن]

أيها المسلمون: لقد كان لديننا من حساب الزمن موقف واضح؛ إذ ربط ذلك بالهلال والأشهر الهلالية، فربط به حسابها، وتقدير أوقاتها في أمور الدين والدنيا والتشريع: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [يونس:٥].

لقد قدر الله بمنه ولطفه القمر منازل، وجعل له أحوالاًَ من الإهلال والإبدار؛ لنعلم عدد السنين والحساب، فجاءت كثير من الأحكام والتشريعات مرتبطة بالأوقات:

قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:١٠٣].

- {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:١٨٥].

- {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة:١٨٩].

- {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام:١٤١].

- {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} [الأحقاف:١٥].

- {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق:٤].

عبادات وأحكام موقوتة بمواقيت محدودة، مرتبطة بالزمن، وموقظة للشعور بالمحاسبة مع طلوع كل هلال تتجدد المشاعر، وتتجاوب النفوس مع مواقيت الأهلة، ودورات الزمن كلما أطل هلال سرت في نفوس المتعبدين المتفكرين تأملات تبعث على تجديد الصلة بالله، وقوة دفّاقة تقود إلى سلوك أقوم، ربي وربك الله يا هلال، هلال رشد وخير.

معاشر الإخوة: إن ارتباط حساب الزمن بالأهلة تيسيراً على العباد، فقد أقيم لأوقات العبادات علامات واضحة، لا يختص بمعرفتها فئة دون فئة، بل يشترك في إدراكها والعلم بها العامة والخاصة.

فلم ترتبط بوسائل غامضة، ولا بحسابات دقيقة، بل أنيطت بأمور محسوسة، وعلامات مشاهَدة، وكواكب سيارة يعرفها المتعلم والأمي، والحاضر والبادي، ويهتدي بطلوعها وغروبها المكلفون أجمعون، من رؤية، وطلوع، وغروب، وظل، وزوال.