للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وسطية أهل السنة في باب الأسماء والصفات]

فهم في باب أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته وسطٌ بين المعطلة من الجهمية ومَن على شاكلتهم، وبين أهل التمثيل المشبهة، ويخطئ بعض الذين يكتبون عن منهج السلف في باب الأسماء والصفات، فيظنون أن السلف مفوِّضة، وهذا أمر يجب أن يُجَلَّى كثيراً، فـ أهل السنة والجماعة يثبتون لله أسماءه وصفاته التي سمى بها نفسه، وسماه بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ووصف بها نفسه، ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، يثبتونها على الحقيقة، لكنهم يفوضون في الكيفية، فيثبتون أن لله يداً، وأن له عيناً، سبحانه وتعالى، حقيقة كما يليق بجلال الله عزَّ وجلَّ وعظمته، ولا يلزم أبداً من إثبات الحقيقة التشبيه البتة، والأمر ظاهر؛ لأن المخالفين لمنهج أهل السنة والجماعة يثبتون لله صفاتاً، حتى المعتزلة يثبتون صفة العلم والحياة، والقدرة، والإرادة -على اختلاف في حقائق هذه الصفات بيننا وبينهم- بل الجميع يثبتون أن لله ذاتاً حقيقةً، فنقول لهؤلاء المثبتين: كما أن لله ذاتاً حقيقةً وتقولون -وهذا حق- إنها لا تشبه الذوات، فكذلك له صفات لا تشبه الصفات، فإثباتها على حقيقتها لا يلزم منه التشبيه، فكما أن هناك من أثبت الكلام وهو حق، وأثبت الإرادة، وقال إن الإرادة لا تشبه الإرادات.

فكذلك -أيضاً- الرحمة؛ لأن الذين أثبتوا الإرادة نفوا الرحمة، فما دام أنك أثبت الإرادة لله فأثبت له الرحمة، وما دام أنك قلت: إن الإرادة لا يلزم منها التشبيه، فكذلك إثبات الرحمة لا يلزم منها التشبيه، وهكذا، فالأمر في هذا جلي ولله الحمد.