للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فرج الله قادم للمؤمنين]

الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، أحمده سبحانه وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله سيد البشر، والشافع المشَّفع في المحشر، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه السادة الغرر، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله -أيها الناس- وأطيعوه، وعظِّموا أمره ولا تعصوه.

أيها المسلمون: إن مع العسر يُسراً، وإن للكرب نهاية، وإنَّ الظلمة تحمل في أحشائها الفجر المنتظر.

إنَّ الدين الذي صلح به الأولون سيصلح به الآخرون لا محالة.

إن الدين الذي ضمن العزة والمنعة والقوة لأسلافه لا يزال هو الدين الذي لا يُغيره الزمن، ولا تُجافيه الفطرة، ولا تنسخه المذاهب.

يُجسد ذلك حقيقة التجسيد الحديث الصحيح عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حين قال: {مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً، فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس، فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأ}.

وإذا كان المسلمون اليوم في كثير من أحوالهم قيعان تحدَّرت في رواسب العقائد الخاطئة، فأصبحت غاية الدين عندهم مظاهر من العبادة، وظواهر من البدع، وأقاويل من الوعظ، فقد آن الأوان ليكشفوا عن العيون غشاوة الباطل، ويجلوا عن القلوب صدأ الغفلة، فيبصروا الطريق، ويستبينوا الغاية، فيتعاطفون على البعد، ويتناصفون على القرب، ويتحدون في مواقفهم من الأحداث، ويقيمون شرع الله، ويصدقون مع ربهم ومع أنفسهم، وحينئذٍ يشرق الصباح، وينجلي الظلام: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور:٤٠] {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} [الملك:٢٠].

هذا وصلوا وسلموا على محمد النبي الأمي فقد أمركم بذلك ربكم، فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك يا أرحم الراحمين!

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أقر أعيننا بعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، ودمر الطغاة وأعداء الملة وسائر الظالمين، واجعل اللهم هذا البلد آمناً سخاءً رخاء وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم أيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، اللهم وفقه بتوفيقك، وأعز به دينك، وأعلِ به كلمتك، وارزقه البطانة الصالحة، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين!

اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة لرعاياهم، اللهم وأبرم لأمة الإسلام أمر رشد يُعز فيه أهل طاعتك، ويُذل فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين!

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحين، اللهم انصر المجاهدين الذين يُجاهدون في سبيلك لإعزاز دينك وإعلاء كلمتك، اللهم انصرهم في فلسطين والبوسنة والهرسك وكشمير، اللهم انصرهم في كل مكان يا رب العالمين، اللهم وأيدهم بتأييدك، وانصرهم بنصرك وسدد سهامهم وآراءهم، واجمع كلمتهم وقلوبهم، واجعل الدائرة على أعدائهم يا قوي يا عزيز.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.