للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[امتداد الرحمة إلى كل شيء]

أيها الإخوة المسلمون: وتعاليم الإسلام وآداب الدين في هذا الباب تتجاوز الإنسان الناطق إلى الحيوان الأعجم، فجنات عدن تفتح أبوابها لامرأة بغيٍّ سقت كلباً فغفر الله لها، ونار جهنَّمٍ فَتَحت أبوابها لامرأة حَبَست هرة حتى ماتت، لا هي أطعمتها وسقتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض فإذا كانت الرحمة بكلبٍ تغفر ذنوب البرايا؛ فإن الرحمة بالبشر تصنع العجائب، وفي المقابل فإذا كان حَبسُ هرة أوجب النار، فكيف بحبس البرآء من البشر.

وتترقى تعاليم ديننا في الرحمة بالبهائم حتى في حال ذبحها والمشروع من قتلها يقول عليه الصلاة والسلام: {إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدَّ أحدكم شفرته، وليُرح ذبيحته}.

وبعد -أيها الناس- فبالرحمة تجتمع القلوب، وبالرفق تتألف النفوس، والقلب يتبلد مع اللهو الطويل والمرح الدائم، لا يشعر بحاجة محتاج، ولا يحس بألم متألم، ولا يشاطر في بؤس بائس، ولا حزن محزون.

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو قسوة قلبه فقال له: {أتحب أن يلين قلبك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك يلن قلبك} والرحمة لا تنزع إلا من شقي عياذاً الله.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف:٣٢].

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.