للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الطاعة في رمضان]

أيها الأحبة: شهركم شهر التقوى، شهركم موسم عظيم للمحاسبة، وميدان فسيح للمنافسة، تصفو فيه نفوس من داخلها، وتقترب فيه قلوب من خالفها، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتصفد فيه الشياطين، وتكثر دواعي الخير وأسباب المثوبة، رحمة ومغفرة، وعتق من النار.

فأقبلوا على الطاعة، وتزودوا من التقى، واستروحوا روائح الجنة، وتعرضوا للنفحات.

الصائمون المتقون: لا يزالون في صلاة وصيام وتلاوة وذكر وصلة وإحسان وجد وعمل، فاطلبوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات ربكم؛ فخيركم من طال عمره وحسن عمله، وشر الناس من طال عمره وساء عمله.

أيها المتقون الصائمون: فتشوا عن المحتاجين من أقربائكم، والمساكين من جيرانكم، والغرباء من إخوانكم، لا تنسوا برهم وإسعادهم، أشركوهم معكم في رزق ربكم، اذكروا جوع الجائعين، ولوعة الملتاعين، وعبرات البائسين، وغربة المشردين، ووحشة المهاجرين.

اسألوا في شهر التقوى والمحاسبة: هل قام بحق التقوى من بات شبعان وحوله جائع يستطيع إشباعه فلم يفعل؟ اسألوا: هل قام بحق الشهر من رأى نفساً مؤمنة بائسة يستطيع إسعادها فلم يفعل؟

أيها المسلمون! صوموا حق الصيام لعلكم تتقون، ومن يتق الله يكن الله معه، ومن كان الله معه فمعه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل، وإذا كان الله معك -يا عبد الله- فمن تخاف؟ وإذا كان عليك فمن ترجو، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:١٨٣ - ١٨٥].

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، وبسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.