للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شغل وقت الشباب بالطاعات أمان من ضياعهم في متاهة الأهواء]

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث بالرحمة والهدى، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن بنهجهم اهتدى.

أما بعد:

فاتقوا الله أيها المؤمنون، اتقوا الله أيها الناشئة، واعلموا أن للعمر أجلاً، والآمال عريضة بحر لا ساحل له، فسارعوا إلى العمل الصالح، واحفظوا لحظات العمر، واشغلوا الوقت بما ينفع في العاجل والآجل.

إن الشاب إن لم ينشغل في مشروعات الخير والجهاد والمجاهدة والإنتاج المثمر نهبته الأفكار الطائشة، وعاش في دوامة من النزاهات والمهازل.

إن شغل الأوقات وشحنها بالأعمال والواجبات والانتقال من عمل إلى عمل، ومن مهمة إلى مهمة -ولو كانت خفيفة يسيرة- يحمي المرء من علل البطالة ولوثات الفراغ.

والنفس -كما قال الإمام الشافعي رحمه الله- إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.

وإن الأمة تتخلص من مفاسد كثيرة وشرور عريضة لو أنها تحكمت في أوقات الفراغ لأبنائها، وليس بالإفادة منها بعد أن توجد، ولكن أيضاً بإيجاد ترتيب لا يكون معه فراغ قاتل.

إن مشاعر الخوف والقلق والحقد والغيرة والحسد لا تندفع إلى النفس الإنسانية إلا حينما تكون فارغة غير مشغولة، وإن توزيع التكاليف الشرعية في الإسلام منظور فيه إلى هذه الحقيقة.

إن شرائعه تدور على الجهاد والمجاهدة؛ مجاهدة النفس، ومجاهدة الناس، فالصلوات الخمس في ترتيبها وتوزيعها، والعبادات الأخرى في واجباتها ونوافلها بدنية ومالية، والأذكار بكرة وعشياًَ، قياماً وقعوداً وعلى المضاجع، والحرف والمهن، والقيام بالحقوق للقريب والبعيد، كل ذلك جهادات ومجاهدات تستغرق العمر كله لحظة لحظة، لا تبقي فرصة للغفلات والذهولات.

فاتقوا الله عباد الله، واعملوا صالحاً، وسيروا على النهج، وأصلحوا النشء.

ثم صلوا وسلموا على المبعوث بالحق رحمة للعالمين، نبيكم محمد بن عبد الله، فقد أمركم بذلك ربكم، فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأزواجه وذريته.

وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين، وعن سائر الصحابة أجمعين والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك يا أكرم الأكرمين.