للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحج]

الحج من أقوى مظاهر التوحيد، أولها: التلبية: (لبيك اللهم لبيك)، هؤلاء الذين يتهموننا أحياناً أننا نتهم الناس في عقائدهم، فلماذا الحاج أول ما يأتي بحج أو عمرة يصل الميقات ثم يقول: (لبيك لا شريك لك لبيك؟) وهل يقول هذا عبثاً؟!

لكن مع الأسف أن كثيراً منهم يقولونها عبثاً بل يقولونها وكأنهم ينشدون أناشيد، تلاحظون في وسائل الإعلام الناس في الحافلات يقولون: لبيك اللهم لبيك، حتى معانيها لا يقفون عندها وقفة حقيقية إن الحمد، والنعمة لك والملك يقف عند الملك، لأنه يردد شيئاً لا يفقهه.

وميزة الإسلام أنه بالعمل والحياة وليس طقوساً نرددها أو نواقيس كما هي عند اليهود والنصارى وغيرهم.

حينما كان النداء للصلاة كان نداءً عظيماً ولم يكن ناقوساً ولم يكن مجرد تنبيه، وإنما شعار توحيد، كذلك الحج افتتاحه: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك)، وبخاصة هذه القضية التي تبين توحيد العبادة.

وسبب وقوع الناس في الأضرحة وفي التعلق بالتراب وبالأحجار؛ لأنه فعلاً لا يوجد توحيد، يعني: ندرك نعمة الله عز وجل علينا حقيقة بما نحن فيه من توحيد حينما نرى نزاهة الحرمين الشريفين من مظاهر الشرك، نحن عندما نقول: لبيك لا شريك لك لبيك، في الجاهلية كانوا يقولون: لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك.

مع الأسف أن طبيعة النفس البشرية أحياناً تميل إلى تقديس الأشياء والمقدسات، ليست لأن الديار المقدسة، فالحرم المكي مقدس وهذه المظاهر مقدسة ومباركة، لكن أين صفاء العقيدة التي بها نعرف معنى التقديس؟

مع الأسف أن مفهوم التقديس عند كثيرٍ من المسلمين من الذين ما عرفوا صفاء العقيدة يظن أن التقديس يكون بالتمسح وبالتعلق بالحجارة، وباحتضان الأعمدة والأسطوانات والجدران ووضع الخدود على التراب، أو أن ينفضه على الرءوس أو في الجيوب أو في تمائم وحروز، ولهذا نقول: لبيك لا شريك لك، ولهذا قال ربنا: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} [قريش:٣] ما قال: يعبدوا البيت لكن مع الأسف أن الإنسان بسرعة ينحرف.

ولهذا تلاحظون مظاهر الأخطاء عند المسلمين في هذا الباب كثيرة على جبل عرفات وعلى حجارة عرفات بل حتى على أشجار عرفات يربطون بالخيوط ويعظمون الأشجار والحجارة.

أما الشعوذة والسحر والكهانة فقد فشت حتى في بلادنا التي نعترف بصفاء عقيدتها؛ لأن طبيعة النفس البشرية ضعيفة، فالخوف من الشرك يجب أن تعمر به القلوب: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ} [إبراهيم:٣٥ - ٣٦].